وَالصَّوْمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ الْمَخْصُوصِ، وَالزَّكَاةَ عَلَى إخْرَاجٍ مَخْصُوصٍ، فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَضَعْ اللَّفْظَ لِهَذِهِ الْمَعَانِي، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ وَضْعٍ، وَتَكَرَّرَ الِاسْتِعْمَالُ فِيهَا حَتَّى صَارَتْ هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ إلَى الذِّهْنِ حَالَ التَّخَاطُبِ.
[الْعُرْفُ الْعَامُّ]
وَأَمَّا الْعُرْفُ الْعَامُّ: فَكَإِطْلَاقِهِمْ الدَّابَّةَ عَلَى ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مَخْصُوصَةٍ عِنْدَ قَوْمٍ كَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ، وَمَفْهُومُ الدَّابَّةِ فِي اللُّغَةِ لِكُلِّ ذَاتٍ دَبَّتْ سَوَاءٌ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَغَيْرُهَا، وَأَهْلُ الْعُرْفِ لَمْ يَضَعُوا اللَّفْظَ لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي هُوَ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ، وَإِنَّمَا غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُمْ لِلَفْظِ الدَّابَّةِ، حَتَّى صَارَ هُوَ الْمُتَبَادِرُ إلَى الذِّهْنِ حَالَةَ التَّخَاطُبِ.
[الْعُرْفُ الْخَاصُّ] وَأَمَّا الْعُرْفُ الْخَاصُّ: فَكَاصْطِلَاحِ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلَى أَلْفَاظٍ خَصُّوهَا بِمَعَانٍ مُخَالِفَةٍ لِلْمَفْهُومِ اللُّغَوِيِّ، كَاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الْجَوْهَرِ وَالْعَرْضِ، وَاصْطِلَاحِ الْفَقِيهِ فِي الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ، وَاصْطِلَاحِ الْجَدَلِيِّ فِي الْكَسْرِ وَالنَّقْضِ وَالْقَلْبِ، وَاصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ، فَجَمِيعُ هَذِهِ الطَّوَائِفِ لَمْ يَضَعُوا هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِتِلْكَ الْمَعَانِي الْمَخْصُوصَةِ، وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلُوهَا اسْتِعْمَالًا غَالِبًا حَتَّى صَارَتْ هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ إلَى الذِّهْنِ حَالَةَ التَّخَاطُبِ، فَهَذَا هُوَ مَعْنَى الْوَضْعِ فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالْعَامِّ وَالْخَاصِّ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ لِلْوَضْعِ مَعْنًى ثَالِثًا وَهُوَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمَجَازُ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا أَمْ لَا؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute