للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ بِخِلَافِ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا جَازَ أَنْ يُوضَعَ لَهُ اسْمٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: نُسَمِّيهِ بِاسْمِ الشَّيْءِ الْقَرِيبِ مِنْهُ فِي صُورَتِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ اللُّغَةِ الَّتِي قِيسَ عَلَيْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ابْتَدَأَ لَهُ اسْمًا كَيْفَ كَانَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لُغَةً مُخْتَصَّةً بِالْمُسَمَّى بِهَا. اهـ.

وَقَالَ الْمُقْتَرِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ": أَطْلَقَ أَئِمَّتُنَا أَنَّ الْقِيَاسَ يَجْرِي فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ فَانْحَصَرَ مَدَارِكُهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ الْوَارِدُ فِي السُّنَّةِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مُتَوَاتِرًا؟ فِيهِ خِلَافٌ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ.

[كَيْفِيَّةُ مَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَعْرِفَةِ وَضْعِ الْأَلْفَاظِ]

السَّابِعُ: فِي كَيْفِيَّةِ مَعْرِفَةِ الطَّرِيقِ إلَى مَعْرِفَةِ وَضْعِ الْأَلْفَاظِ لِمَعَانِيهَا، وَهُوَ إمَّا بِالنَّقْلِ الصِّرْفِ أَوْ بِالْعَقْلِ الصِّرْفِ أَوْ الْمُرَكَّبِ مِنْهُمَا.

الْأَوَّلُ: النَّقْلُ، وَهُوَ إمَّا مُتَوَاتِرٌ كَالْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَهُوَ مُفِيدٌ لِلْقَطْعِ، وَإِمَّا آحَادٌ كَالْقُرْءِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مُفِيدٌ لِلظَّنِّ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.

وَحَكَى الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ عَنْ السَّمْنَانِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْعُمُومِ: أَنَّ اللُّغَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْآحَادِ، وَكَأَنَّهُ قَوْلُ الْوَاقِفِيَّةِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ وَالْأَمْرِ.

وَالْحَقُّ: أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حُجَّةً فِي بَابِ الْعَمَلِيَّاتِ وَالْأَحْكَامِ. أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقَائِدِ فَلَا، لِأَنَّهَا لَا تُفِيدُ الْقَطْعَ.

قَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": وَالْعَجَبُ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ حَيْثُ أَقَامُوا الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فِي الشَّرْعِ، وَلَمْ يُقِيمُوا الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>