للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنْدَ قَوْله تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: ٣١] وَهَذَا الْمَذْهَبُ فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ لَوْ لَمْ تَدُلَّ بِالْوَضْعِ، وَإِنَّمَا دَلَّتْ بِذَوَاتِهَا لَكَانَتْ كَالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، فَلَا تَخْتَلِفُ بِالْأَعْصَارِ وَالْأُمَمِ، وَالِاخْتِلَافُ مَوْجُودٌ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَاشْتَرَكَ فِيهِ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعَقْلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّا نَقْطَعُ بِصِحَّةِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ وَضِدِّهِ، وَنَقْطَعُ بِوُقُوعِ اللَّفْظِ عَلَى الشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ، كَالْقُرْءِ الْوَاقِعِ عَلَى الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، وَالْجَوْرِ الْوَاقِعِ عَلَى الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ، فَلَوْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ لِمُنَاسَبَةٍ لَزِمَ أَنْ يُنَاسِبَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ النَّقِيضَيْنِ وَالضِّدَّيْنِ بِالطَّبْعِ، وَهُوَ مُحَالٌ، فَلَا يَصِحُّ وَضْعُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ لَهُمَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَاللَّازِمُ مُنْتَفٍ، لِأَنَّا نَقْطَعُ بِصِحَّةِ وَضْعِهِ لَهُمَا بَلْ بِوُقُوعِهِ.

قَالَ السَّكَّاكِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ مُتَأَوَّلٌ عَلَى أَنَّ لِلْحُرُوفِ خَوَاصَّ تُنَاسِبُ مَعْنَاهَا مِنْ شِدَّةٍ وَضَعْفٍ وَغَيْرِهِ كَالْجَهْرِ وَالْهَمْسِ وَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَتِلْكَ الْخَوَاصُّ تَسْتَدْعِي عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ بِهَا إذَا أَخَذَ فِي تَعْيِينِ شَيْءٍ مِنْهَا لِمَعْنًى لَا يُهْمِلُ التَّنَاسُبَ بَيْنَهُمَا قَضَاءً لِحَقِّ الْكَلِمِ كَمَا تَرَى فِي الْفَصْمِ بِالْفَاءِ الَّذِي هُوَ حَرْفٌ رِخْوٌ لِكَسْرِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبِينَ، وَالْقَصْمُ بِالْقَافِ الَّذِي هُوَ حَرْفٌ شَدِيدٌ لِكَسْرِ الشَّيْءِ حَتَّى يَبِينَ، وَفِي الزَّفِيرِ لِصَوْتِ الْحِمَارِ، وَالزَّئِيرِ بِالْهَمْزِ الَّذِي هُوَ شَدِيدٌ لِصَوْتِ الْأَسَدِ، وَأَنَّ الْمُرَكَّبَاتِ " كَالْفَعَلَانِ " وَ " الْفَعَلَى " - بِالتَّحْرِيكِ - كَالنَّزَوَانِ وَالْحَيَدَى، وَ " فَعُلَ " - بِضَمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>