للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَاءٌ كَانَ تَرْكِيبَ إسْنَادٍ كَقَامَ زَيْدٌ، وَزَيْدٌ قَائِمٌ، أَمْ تَرْكِيبَ مَزْجٍ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، أَوْ إضَافَةٍ كَغُلَامِ زَيْدٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَإِنْ كَانَ دَالًّا عَلَى الذَّاتِ فَهُوَ مُفْرَدٌ، وَإِنْ كَانَ دَالًّا عَلَى الصِّفَاتِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ. وَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا صَارَ بِهِ اللَّفْظُ مُرَكَّبًا كَحُرُوفِ زَيْدٍ، فَلَا يُرِدْ الزَّايَ مِنْ " زَيْدٌ قَائِمٌ "، فَإِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى جُزْءِ الْمَعْنَى، وَكَذَلِكَ أَوْرَدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ كَوْنَ الْمَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُرَكَّبًا، لِأَنَّ مَادَّتَهُ تَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ وَزِنَتَهُ عَلَى خُصُوصِ الزَّمَنِ، فَأَجَابُوا بِأَنَّ الْمَعْنَى بِقَوْلِنَا الْجُزْءُ لَيْسَ مُطْلَقَ الْجُزْءِ، بَلْ الْأَجْزَاءُ الْمُتَرَتِّبَةُ فِي السَّمْعِ، وَقَالُوا: وَنَحْوُ بَعْلَبَكَّ مُرَكَّبٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، لِأَنَّهُ كَلِمَتَانِ وَمُفْرَدٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ جُزْؤُهُ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ، وَ " أَقُومُ " وَ " نَقُومُ " وَ " يَقُومُ " مُرَكَّبٌ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، لِأَنَّ جُزْأَهُ يَدُلُّ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ، لِأَنَّ حَرْفَ الْمُضَارَعَةِ مِنْهَا يَدُلُّ عَلَى الْفَاعِلِ الْمُتَكَلِّمِ وَحْدَهُ وَالْمُتَكَلِّمِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ، وَالْمُخَاطَبِ مِنْهَا وَنَفْسُ الْكَلِمَةِ تَدُلُّ عَلَى الْحَدَثِ وَالزَّمَانِ، وَمُفْرَدٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.

أَمَّا " يَقُومُ " بِالْغَيْبَةِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ عِنْدَ الْمَنْطِقِيِّينَ، فَقِيلَ: هُوَ مُفْرَدٌ، وَقِيلَ: هُوَ مُرَكَّبٌ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ سِينَا، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّهُ مُرَكَّبٌ كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ الْمُضَارِعَةِ، وَإِنَّمَا قَالُوا: حِينَ هُوَ جُزْؤُهُ لِيَحْتَرِزُوا مِنْ مِثْلِ أَبْكَمَ، وَإِنْسَانٍ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ جُزْئِهِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى لَكِنْ لَا عَلَى جُزْءِ مُسَمَّاهُ حِينَ هُوَ جُزْؤُهُ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ " الْأَبَ " اسْمٌ لِلْوَالِدِ "، وَ " كَمْ " اسْمٌ لِلْعَدَدِ؟ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ جُزْءٌ مِنْ الْآخَرِ حِينَ هُوَ جُزْؤُهُ، وَكَذَلِكَ: إنْسَانٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ " إنْ " حَرْفُ شَرْطٍ يَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ؟ لَكِنْ لَا مِنْ حَيْثُ هِيَ جُزْءُ " إنْ ". وَزَعَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ يَعِيشَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْمُفَصَّلِ وَابْنُ إيَادٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>