فَإِذَا اسْتَحْضَرَ الْوَاضِعُ صُورَةَ الْأَسَدِ لِيَضَعَ لَهَا، فَتِلْكَ الصُّورَةُ الثَّابِتَةُ فِي ذِهْنِهِ هِيَ جُزْئِيَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَاقِعَةٌ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَمِثْلُهَا يَقَعُ فِي زَمَانٍ آخَرَ، وَفِي ذِهْنِ شَخْصٍ آخَرَ، وَالْجَمْعُ مُشْتَرِكٌ فِي مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ جُزْئِيَّةٌ مِنْ مُطْلَقِ صُورَةِ الْأَسَدِ، فَإِنْ وَقَعَ لَهَا مِنْ حَيْثُ خُصُوصِهَا فَهُوَ عَلَمُ الْجِنْسِ أَوْ مِنْ حَيْثُ عُمُومِهَا فَهُوَ اسْمُ الْجِنْسِ، وَهِيَ مِنْ حَيْثُ عُمُومِهَا وَخُصُوصِهَا تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ أَسَدٍ فِي الْعَالَمِ، لِأَنَّا إنَّمَا أَخَذْنَاهَا فِي الذِّهْنِ مُجَرَّدَةً عَنْ جَمِيعِ الْخُصُوصِيَّاتِ فَتُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَلَا جَرَمَ يُطْلَقُ لَفْظُ الْأَسَدِ وَأُسَامَةَ عَلَى جَمِيعِ الْأُسُودِ لِوُجُودِ الشَّرِكَةِ فِيهَا كُلِّهَا فَيَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الْجِنْسِ بِخُصُوصِ الصُّورَةِ الذِّهْنِيَّةِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَلَمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الشَّخْصِ: أَنَّ عَلَمَ الشَّخْصِ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الْخَارِجِيِّ، وَعَلَمَ الْجِنْسِ مَوْضُوعٌ لِلْمَاهِيَّةِ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ الذِّهْنِيِّ. اهـ.
وَقَالَ ابْنُ إيَازٍ رَدًّا عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ اسْمِ الْجِنْسِ وَعَلَمِ الْجِنْسِ: أَنَّ عَلَمَ الْجِنْسِ وَهُوَ أُسَامَةُ مَوْضُوعٌ لِلْحَقِيقَةِ الذِّهْنِيَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَفْرَادِ، وَعَكْسُهُ اسْمُ الْجِنْسِ.
قَالَ: فَيَلْزَمُ أَنَّ أُسَامَةَ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَثِيرُ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا: الْوَضْعُ مَسْبُوقٌ بِالتَّصَوُّرِ، فَإِنْ كَانَ لِلْأَفْرَادِ الْخَارِجِيَّةِ فَيَلْزَمُ وَضْعُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute