للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ الْإِنْشَاءُ عَنْ الْأَصْلِ فَرْعًا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا مَا يَكُونُ مِنْهُ النَّحْتُ وَالتَّغْيِيرُ لِإِخْرَاجِ الْأَصْلِ بِالتَّأَمُّلِ كَأَنَّك تَشُقُّ الشَّيْءَ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْأَصْلُ، وَكَأَنَّ الْأَصْلَ مَدْفُونٌ فِيهِ، فَأَنْتَ تَشُقُّهُ لِتُخْرِجَهُ مِنْهُ.

قَالَ ابْنُ الْخَشَّابِ وَظَاهِرُهُ: أَنَّك اسْتَخْرَجْت الْأَصْلَ مِنْ الْفَرْعِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ أَنَّهُ رَدُّ الْفَرْعِ إلَى أَصْلِهِ بِمَعْنَى جَمْعِهِمَا، وَهُوَ خَاصٌّ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ بِالْأَصْلِ.

وَقَالَ الْمَيْدَانِيُّ: أَنْ تَجِدَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ تَنَاسُبًا فِي الْمَعْنَى وَالتَّرْكِيبِ، فَتَرُدَّ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: أَنْ يَنْتَظِمَ مِنْ الصِّفَتَيْنِ فَصَاعِدًا مَعْنًى وَاحِدٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ فَإِنَّ الضَّارِبَ وَالْمَضْرُوبَ قَدْ انْتَظَمَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ الضَّرْبُ مَعَ أَنَّهُ لَا اشْتِقَاقَ فِيهِمَا، وَكَذَلِكَ يَنْتَظِمُ الْأَفْعَالُ كُلُّهَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَعْنَى الْمَصْدَرِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهَا لَيْسَ مُشْتَقًّا مِنْ بَعْضٍ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي يَنْتَظِمُهَا، وَهُوَ الضَّرْبُ مَثَلًا. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يُحَدُّ تَارَةً بِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ، وَتَارَةً بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ. فَفِي الْأَوَّلِ إذَا أَرَدْت تَقْرِيرَ أَنَّ الْكَلِمَةَ مِمَّ اشْتَقْت؟ فَإِنَّك تَرُدُّهَا إلَى آخَرَ لِتَعْرِفَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ، وَالثَّانِي إذَا أَرَدْت أَنْ تَشْتَقَّ الْكَلِمَةَ مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّك تَأْخُذُهَا مِنْهُ، فَقَدْ جَعَلْتهَا مُشْتَقَّةً مِنْهُ، فَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا يَحْصُلُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَخْذِ، فَهَذَا قَبْلَ الِاشْتِقَاقِ، وَالْأَوَّلُ بَعْدَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>