وَمَثَّلَهُ ابْنُ الْخَبَّازِ وَالسَّرَّاجُ الْأُرْمَوِيُّ بِ " اسْتَنْوَقَ " الْجَمَلُ أَيْ تَحَوَّلَ الْجَمَلُ نَاقَةً، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ النَّاقَةِ، نَقَصَتْ مِنْهُ التَّاءُ وَحَرَكَةُ النُّونِ وَزِيدَتْ فِيهِ السِّينُ وَالتَّاءُ وَحَرَكَةٌ وَالْوَاوُ الَّتِي كَانَتْ أَلِفًا سَاكِنَةً فِي النَّاقَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ " اسْتَنْوَقَ " إنَّمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مَصْدَرِهِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِنْوَاقُ، لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ الِاسْتِنْوَاقُ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ هُوَ الْمُشْتَقُّ مِنْ النَّاقَةِ وَالْغَرَضُ يَحْصُلُ بِهِ، لِأَنَّ النُّقْصَانَ وَالزِّيَادَةَ الْمَطْلُوبَيْنِ فِي الْمِثَالِ مَوْجُودَانِ فِيهِ، لِأَنَّ الْمَصْدَرَ زِيدَتْ فِيهِ السِّينُ وَالتَّاءُ وَالْأَلِفُ الَّتِي بَعْدَ الْوَاوِ وَحَرَكَةُ الْوَاوِ وَنَقَصَ مِنْهُ التَّاءُ وَفَتْحَةُ النُّونِ، وَكَانَ جَعْلُهُ هُوَ الْمُشْتَقَّ أَوَّلًا أَوْلَى.
وَمَثَّلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَابْنُ جَعْفَرٍ بِ " ارْمِ " مِنْ الرَّمْيِ وَقَالَ: زِيدَتْ فِيهِ الْأَلِفُ وَكَسْرَةُ الْمِيمِ، وَنَقَصَتْ حَرَكَةُ الْوَاوِ وَالْيَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. أَمَّا أَلِفُ الْوَصْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْيَاءُ فَلَمْ تُحْذَفْ لِلِاشْتِقَاقِ بَلْ لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ حَمْلُ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُعْرَبِ لِشَبَهِهِ بِهِ فِي الصَّحِيحِ، فَجَعْلُ الْمُعْتَلِّ كَذَلِكَ. أَلَا تَرَى أَنَّ هَذِهِ الْيَاءَ تُحْذَفُ فِي الْمُعْرَبِ فِي قَوْلِنَا: لَمْ يَرْمِ لِيَجْزِمَ؟ فَكَذَلِكَ حُذِفَتْ فِي قَوْلِنَا: ارْمِ لِلْبِنَاءِ حَمْلًا لِلْمَبْنِيِّ عَلَى الْمُعْرَبِ فِي الصُّورَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْيَاءَ تَعُودُ عِنْدَ اتِّصَالِ الضَّمِيرِ بِالْفِعْلِ فِي قَوْلِك: ارْمِيَا. وَعِنْدَ اتِّصَالِ النُّونَيْنِ الثَّقِيلَةِ وَالْخَفِيفَةِ فِي قَوْلِك: ارْمِيَنْ وَارْمِيَنَّ، وَعِنْدَ اتِّصَالِ ضَمِيرِ جَمَاعَةِ الْإِنَاثِ فِي قَوْلِك: ارْمِينَ يَا نِسْوَةُ؟ فَعُلِمَ أَنَّ الْيَاءَ مَا حُذِفَتْ لِلِاشْتِقَاقِ، وَكَلَامُنَا فِيمَا يُحْذَفُ لَهُ أَوْ يَزْدَادُ لَهُ، فَتَحْصُلُ بِهِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ صُورَةِ الْمُشْتَقِّ وَالْمُشْتَقِّ مِنْهُ لَا فِيمَا يُحْذَفُ أَوْ يُزَادُ لِمَعْنًى آخَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute