تَقُولُ: وَزْنُ ضَارِبٍ فَاعِلٍ، فَالْأَلِفُ زَائِدٌ مَذْكُورٌ بِلَفْظِهِ، وَالضَّادُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ مُقَابَلَةٌ بِالْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَاللَّامِ، وَكَذَلِكَ مَضْرُوبٌ مَفْعُولٌ مِنْ الضَّرْبِ فَالْوَاوُ وَالْمِيمُ زَائِدَتَانِ، وَمِيعَادٌ وَمِيزَانٌ مِفْعَالٌ مِنْ الْوَعْدِ وَالْوَزْنِ فَالْمِيمُ وَالْأَلِفُ زَائِدَتَانِ وَالْيَاءُ هِيَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ، لِظُهُورِهَا فِيمَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ. فَإِنْ قِيلَ: جَعَلْتُمْ مَعْرِفَةَ الِاشْتِقَاقِ مُتَوَقِّفَةً عَلَى مَعْرِفَةِ التَّصْرِيفِ وَأَهْلُ التَّصْرِيفِ يَجْعَلُونَ مَعْرِفَتَهُ مُتَوَقِّفَةً عَلَى مَعْرِفَةِ الِاشْتِقَاقِ لِتَعْرِيفِ الزَّائِدِ فَيُحْكَمُ، بِزِيَادَتِهِ فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّ كَوْثَرًا مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَثْرَةِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الْوَاوَ زَائِدَةٌ، وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهَا زَائِدَةٌ حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَثْرَةِ، وَذَلِكَ دَوْرٌ فَيَمْتَنِعُ.
قُلْنَا: إذَا عَرَفْنَا الْأَصْلِيَّ مِنْ الزَّائِدِ حَكَمْنَا بِاشْتِقَاقِهِ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ، فَكُلٌّ مِنْ التَّصْرِيفِ وَالِاشْتِقَاقِ يَفْتَقِرُ إلَى الْآخَرِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ.
[التَّنْبِيهُ] السَّابِعُ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْنَى الْمُشْتَقَّ مِنْهُ كَالْعِلَّةِ فِي الْقِيَاسِ وَالْعَلَاقَةُ فِي الْمَجَازِ حَيْثُ وُجِدَ الِاشْتِقَاقُ، كَمَا أَنَّ الْعِلَّةَ حَيْثُ وُجِدَتْ وُجِدَ الْحُكْمُ، لَكِنْ لَمْ يَطَّرِدْ ذَلِكَ فِي الِاشْتِقَاقِ فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ سَمَّوْا الْأَسَدَ ضَيْغَمًا مِنْ الضَّغْمِ، وَلَمْ يُسَمُّوا الْجَمَلَ بِهِ، وَأَنَّ الضَّغْمَ هُوَ الْعَضُّ الشَّدِيدُ مَوْجُودًا فِيهِ وَسَمَّوْا الْمَنْزِلَ الَّذِي بَعْدَ الثُّرَيَّا دَبَرَانًا لِاسْتِدْبَارِهِ إيَّاهَا أَوْ الْقِبْلَةَ، وَلَمْ يُسَمُّوا كُلَّ مُسْتَدْبِرٍ لِلثُّرَيَّا أَوْ الْقِبْلَةِ دَبَرَانًا، وَسَمَّوْا الثُّرَيَّا بِاسْمِهَا لِاشْتِقَاقِهَا مِنْ الثَّرْوَةِ وَهِيَ الْكَثْرَةُ لِاجْتِمَاعِ نُجُومِهَا، وَلَمْ يُسَمُّوا كُلَّ أَعْدَادٍ مُجْتَمِعَةٍ ثُرَيًّا، وَسَمَّوْا الْقَارُورَةَ وَهِيَ الْوِعَاءُ الْخَاصُّ لِاسْتِقْرَارِ الْمَاءِ فِيهَا وَلَمْ يُسَمُّوا كُلَّ مُسْتَقِرٍّ لِمَائِعٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْحَوْضِ وَنَحْوِهِ قَارُورَةً.
وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُجْعَلَ وُجُودُ مَعْنَى الْأَصْلِ فِي مَحَلِّ التَّسْمِيَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا وَالْمُرَادُ ذَاتٌ مَعَ اعْتِبَارِ نِسْبَتِهِ إلَيْهَا، فَهَذَا يَطَّرِدُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute