للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ [اسْمُ الْفَاعِلِ حَقِيقَةً فِي الْحَالِ]

مَعْنَى قَوْلِهِمْ: حَقِيقَةً فِي الْحَالِ أَيْ: حَالَ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ لَا حَالَ النُّطْقِ بِهِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ الضَّارِبِ وَالْمَضْرُوبِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى الضَّرْبِ، وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، لِأَنَّهُمَا طَرَفَا النِّسْبَةِ فَهُمَا مَعَهُ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ.

وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ نَحْوَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» أَنَّ " قَتِيلًا " حَقِيقَةً وَأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّهُ سُمِّيَ " قَتِيلًا " بِاعْتِبَارِ مُشَارَفَتِهِ الْفِعْلَ لَا تَحْقِيقَ لَهُ.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ بَعْدَ وُجُودِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ الْمُشْتَقُّ مِنْهُ فَأَمَّا حَالَةُ الشُّرُوعِ قَبْلَ وُجُودِ ذَلِكَ كَالتَّسَاوُمِ مِنْ التَّابِعِينَ قَبْلَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَالْأَكْلُ حِينَ أَخْذِ اللُّقْمَةِ قَبْلَ وُجُودِ مُسَمَّى الْأَكْلِ، فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لَا يُسَمَّى فَاعِلًا إلَّا مَجَازًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ حَقِيقَةً بَعْدَ وُجُودِ مَا يُسَمَّى بَيْعًا وَأَكْلًا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْإِطْلَاقِ تَمَامُ الْفِعْلِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: الْمُرَادُ بِالْحَالِ مَا قَارَنَ وُجُودُ لَفْظِهِ لِوُجُودِ جُزْءٍ مِنْ مَعْنَاهُ، كَقَوْلِك: هَذَا زَيْدٌ يَكْتُبُ، فَيَكْتُبُ مُضَارِعٌ بِمَعْنَى الْحَالِ وَوُجُودُ لَفْظِهِ مُقَارِنٌ لِوُجُودِ بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>