للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقَالُ: حَقِيقَةُ الْعِلْمِ كَذَا؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ لَا يَخْتَلِفُ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ بِخِلَافِ الْعِلْمِ.

قَالَ: وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا إنَّمَا هُوَ مَجَازٌ، فَأَجْرَوْا الْحَدَّ مُجْرَى الِاسْمِ تَوَسُّعًا، وَقَالَ الرَّازِيَّ: ضَرُورِيٌّ إذْ بِهِ تُعَرَّفُ الْأَشْيَاءُ فَلَوْ عُرِّفَ الْعِلْمُ لَوَجَبَ أَنْ يُعَرَّفَ بِغَيْرِهِ لِاسْتِحَالَةِ تَعْرِيفِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَالْغَرَضُ أَنَّ غَيْرَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: هُوَ حُكْمُ الذِّهْنِ الْجَازِمِ الْمُطَابِقِ لِمُوجِبٍ كَمَا سَبَقَ فِي الضَّابِطِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ بِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ وَيُحَدُّ وَهَذَا تَنَاقُضٌ.

فَإِنْ قِيلَ: الذِّهْنِيُّ تَعْرِيفُهُ تَصْدِيقِيٌّ، وَالْمُدَّعَى مَعْرِفَتُهُ تَصَوُّرِيٌّ فَلَا تَنَاقُضَ. قُلْنَا: إنْ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ التَّعْرِيفُ لِلنِّسْبَةِ فِي التَّصْدِيقِ تَعْرِيفٌ لِتَصَوُّرٍ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لَيْسَتْ تَصْدِيقًا بَلْ مُقَرَّرَةٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ: ضَرُورِيٌّ وَلَا يُحَدُّ. وَهُوَ قَضِيَّةُ نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَنْهُ، وَالْمَوْجُودُ فِي الْمَحْصُولِ " مَا ذَكَرْته أَوَّلًا، وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْقُشَيْرِيُّ، وَالْغَزَالِيُّ: يَعْسُرُ تَعْرِيفُهُ بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ. وَإِنَّمَا يُعَرَّفُ بِالتَّقْسِيمِ وَالْمِثَالِ، ثُمَّ يَعْرِضُ فِي رَوْمِ التَّوَصُّلِ إلَيْهِ إلَى انْتِفَاءِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَضْدَادِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>