فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّأْكِيدِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مَبْنِيٍّ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ كَأَكْتَعَ وَأَبْصَعَ مَعَ أَجْمَعَ، فَكَمَا لَا يَنْطِقُ بِأَكْتَعَ بِغَيْرِ أَجْمَعَ، فَكَذَا هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَعَ مَا قَبْلَهَا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى كَرَّرْت بَعْضَ حُرُوفِهَا فِي مِثْلِ حَسَنٌ بَسَنٌ، كَمَا قِيلَ: فِي أَكْتَعَ وَأَبْصَعَ مَعَ أَجْمَعَ.
وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ التَّأْكِيدَ غَيْرُ الْإِتْبَاعِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَرْقِ فَقِيلَ: الْإِتْبَاعُ مَا لَمْ يَحْسُنْ فِيهِ وَاوُ الْعَطْفِ كَقَوْلِك: حَسَنٌ بَسَنٌ، وَالتَّأْكِيدُ يَحْسُنُ، فِيهِ نَحْوُ حِلَّ وَبِلَّ، وَقِيلَ الْإِتْبَاعُ يَكُونُ لِلْكَلِمَةِ، وَلَا مَعْنَى لَهَا غَيْرَ التَّبَعِيَّةِ. فَلَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يُسَمَّى تَابِعٌ تَابِعًا.
قُلْت: وَقِيلَ: التَّأْكِيدُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ تَقْوِيَةُ مَدْلُولِ اللَّفْظِ السَّابِقِ كَيْفَ كَانَ، وَالتَّابِعُ إنَّمَا يُذْكَرُ بَعْدَ الِاسْمِ الْأَوَّلِ.
وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنَّ التَّابِعَ لَمْ يُوضَعْ لِمُسَمًّى فِي نَفْسِهِ، وَيَشْهَدُ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الدَّهَّانِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ شَيْءٌ نَتِدُ بِهِ كَلَامَنَا، أَيْ: نُقَوِّيهِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّأْكِيدِ إلَّا هَذَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي كِتَابِ " فَائِتِ الْجَمْهَرَةِ ": سَمِعْت الْمُبَرِّدَ وَثَعْلَبًا يَقُولَانِ: الْإِتْبَاعُ لَا يَكُونُ بِحَرْفِ النَّسَقِ، إنَّمَا الْإِتْبَاعُ أَنْ يَقُولَ: حِلٌّ بَلْ وَشَيْطَانُ لَيْطَانُ فَأَمَّا قَوْلُ الْعَبَّاسِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute