التَّجَرُّدِ عَلَى الْجَمِيعِ. وَنَقَلَ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَهُوَ مَيْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.
الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْمَعْنَيَيْنِ، هَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا إرَادَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْ إرَادَتَانِ؟ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَالْأَصَحُّ: أَنَّ الْإِرَادَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِمُرَادٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَتَحَقَّقُ إرَادَةُ الْمُرَادَيْنِ إلَّا بِإِرَادَتَيْنِ.
وَفَصَّلَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " فَقَالَ: إنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّمَا يُرِيدُهَا وَجَمِيعٌ أَرَادَ بِهِ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مُحْدِثًا فَإِنَّمَا يُرِيدُهُمَا جَمِيعًا بِإِرَادَتَيْنِ غَيْرِ مُتَضَادَّتَيْنِ، وَلَوْ كَانَ يُرِيدَهُمَا بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ لَاسْتَحَالَ أَنْ يُرَادَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ.
وَشَرَطَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الصَّائِغِ النَّحْوِيُّ فِي " شَرْحِ الْجُمَلِ " كَوْنَ الْمُشْتَرَكِ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى يَعُمُّ مَدْلُولَيْهِ، وَهُوَ الصَّرِيحُ فِي الِاشْتِرَاكِ، كَاللَّمْسِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْمَسُّ مُطْلَقًا وَالْوِقَاعُ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَدُلَّ فَيَنْبَغِي امْتِنَاعُهُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا لَوْ قُلْت: رَأَيْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا أَخَاك، وَأَرَدْتَ بِرَأَيْتَ زَيْدًا أَبْصَرْتُهُ، وَبِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ عَلِمْتُ، أَوْ رَأَيْتُ زَيْدًا وَالطَّائِرَ. تُرِيدُ فِي الطَّائِرِ ضَرَبْت رِئَتَهُ، وَفِي زَيْدٍ الْإِبْصَارَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ هَذَا بِاتِّفَاقٍ لِعَدَمِ الصَّرَاحَةِ.
الْمَذْهَبُ الثَّانِي: الْمَنْعُ: وَنَصَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعُدَّةِ " وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ وَالْكَرْخِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ وَفَخْرُ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute