وَقِيلَ: سَبَبُهُ الْوَضْعُ الْحَقِيقِيُّ: أَيْ: أَنَّ الْوَاضِعَ لَمْ يَضَعْ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ لَهُمَا عَلَى الْجَمِيعِ بَلْ عَلَى الْبَدَلِ، فَلَا يُصَحِّحُ إطْلَاقَهُ بِطُرُقِ الْحَقِيقَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَضْعِ اللَّفْظِ لِمَعْنَيَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا لَهُمَا عَلَى الْجَمِيعِ.
وَالْمُشْتَرَكُ إنَّمَا وُضِعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِ، فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْجَمِيعِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ جَمِيعُ مَحَامِلِهِ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ إذَا اتَّصَلَ بِقَرِينَةٍ مُشْعِرَةٍ بِذَلِكَ.
وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالسُّهْرَوَرْدِي فِي " التَّنْقِيحَاتِ " وَفَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيَّ وَغَيْرُهُمْ، وَكَلَامُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، مُحْتَمِلٌ لَهُمَا.
وَ [الْمَذْهَبُ] الثَّالِثُ: لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْجَمِيعِ إذَا تَجَرَّدَ عَنْهُ الْقَرَائِنُ، وَيَجُوزُ مَعَ الْقَرِينَةِ " الْمُتَّصِلَةِ " وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَانِ ".
وَ [الْمَذْهَبُ] الرَّابِعُ: الْفَرْقُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ: وَالْفَرْقُ: أَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ، فَيَجُوزُ إرَادَةُ مَدْلُولَاتِهِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ النَّفْيَ لَا يَرْفَعُ إلَّا مَا يَقْتَضِي الْإِثْبَاتَ، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ أَنَّهُ أَبْدَاهُ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ "، وَتَبِعَهُ فِي " الْمَحْصُولِ ". وَقِيلَ: إنَّ الْمَاوَرْدِيَّ حَكَاهُ وَجْهًا لِأَصْحَابِنَا فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوَالِي فُلَانٍ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute