التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ.
إذَا قُلْنَا بِالْحَمْلِ فَهَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْعُمُومِ أَوْ الِاحْتِيَاطِ؟ فِيهِ طَرِيقَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: وَعَلَيْهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيَّ وَابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ كَالْعَامِّ، وَأَنَّ نِسْبَةَ الْمُشْتَرَكِ إلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ كَنِسْبَةِ الْعَامِّ إلَى أَفْرَادِهِ، وَالْعَامُّ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ فَكَذَا الْمُشْتَرَكُ، وَضَعَّفَهُ النَّقْشَوَانِيُّ، لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ اللَّفْظَ حِينَئِذٍ مُتَوَاطِئًا لَا مُشْتَرَكًا.
قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمْ يُرِيدُوا الْعُمُومَ، وَأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ جِهَةِ النَّاقِلِ عَنْهُمْ لَمَّا رَأَى فِي كُتُبِهِمْ حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْعَامِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَفْرَادِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَنَازَعَهُ الْأَصْفَهَانِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْهِيمِ الْأَئِمَّةِ.
قَالَ: وَمَا اسْتَبْعَدَ النَّقْلُ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ كَالْعَامِّ فِي مَعْنَى اسْتِغْرَاقِهِ لِمَدْلُولَاتِهِ وَوُجُوبِ الْحَمْلِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ الْمُخْتَلِفَةِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ عَنْ الْقَرَائِنِ، فَهُوَ كَالْعَامِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، لِأَنَّ الْأَفْرَادَ الدَّاخِلَةَ تَحْتَ الْمُشْتَرَكِ مِثْلُ الْأَفْرَادِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ الْعَامِّ حَتَّى يَلْزَمَ التَّوَاطُؤُ.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: وَعَلَيْهَا الْإِمَامُ الرَّازِيَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ.
وَتَقْدِيرُهَا أَنَّ لِلسَّامِعِ أَحْوَالًا ثَلَاثَةً: إمَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ فَيَلْزَمُ التَّعْطِيلُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ وَقْتِ الْحَاجَةِ، أَوْ يُحْمَلَ أَحَدُهُمَا فَيَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ، لَمْ يَبْقَ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute