الْمَجَازِ بِقَرِينَةٍ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْحَقِيقَةِ، أَوْ قَصْدُهُمَا مَعًا، أَمَّا إذَا قَصَدَ الْحَقِيقَةَ فَقَطْ فَالْحَمْلُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِلَا نِزَاعٍ، أَوْ الْمَجَازَ فَقَطْ اخْتَصَّ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدٌ، فَلَا مَدْخَلَ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ، فَإِنَّ اللَّفْظَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى مَجَازِهِ بِقَرِينَةٍ، وَلِهَذَا قَالُوا فِيمَا إذَا قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَنَظَائِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ أَوْصَى لِإِخْوَةِ فُلَانٍ وَكَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا إخْوَةً وَأَخَوَاتٍ.
قَالَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ " النِّهَايَةِ ": مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ الْإِخْوَةُ دُونَ الْأَخَوَاتِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: لِلْجَمِيعِ وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ السَّابِقُ، وَقَدْ أَفَادَ حَالَةً أُخْرَى، وَهِيَ مَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الِاسْتِعْمَالِ بِأَنْ يَكْثُرَ الْمَجَازُ كَثْرَةً تُوَازِي الْحَقِيقَةَ فَيَتَسَاوَيَانِ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَيَحْصُلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْمَجَازِ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ الْحَقِيقَةِ.
ثَانِيهَا: أَنْ تَدُلَّ عَلَى إرَادَتِهِمَا جَمِيعًا.
ثَالِثُهَا: أَنْ لَا تَكُونَ قَرِينَةٌ، وَلَكِنْ لِلْمَجَازِ شُهْرَةٌ وَازَى بِهَا الْحَقِيقَةَ، وَالْخِلَافُ ثَابِتٌ فِي الْكُلِّ وَالصَّحِيحُ عِنْدَنَا: الْحَمْلُ عَلَيْهَا
رَابِعُهَا: حَالَةُ الْإِطْلَاقِ مَعَ عَدَمِ شُهْرَةِ الْمَجَازِ فَلَا يُحْمَلُ فِيهِمَا عَلَى الْمَجَازِ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ الْخِلَافَ مَدْفُوعٌ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، وَإِذَا ضَمَمْت الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَى الْمُشْتَرَكِ خَرَجَ مِنْهُ مَذَاهِبُ:
ثَالِثُهَا: التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْحَقِيقَتَيْنِ فَيَجُوزُ، وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَيَمْتَنِعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَتُفَارِقُ هَذِهِ الْحَالَةُ مَا قَبْلَهَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْمُشْتَرَكَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، وَالْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا إلَّا إذَا سَاوَى الْمَجَازُ الْحَقِيقَةَ لِشُهْرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ.
وَرَابِعُهَا: عَكْسُهُ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الْحَقِيقَتَيْنِ قَطْعًا، وَتُرَدَّدُ فِي الْحَقِيقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute