لِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ، كَلَفْظِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، ثُمَّ خَصَّصَهَا الْعُرْفُ الْعَامُّ بِذَاتِ الْحَوَافِرِ. وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ قَدْ وُضِعَ لِمَعْنًى، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَهُ بِهِ نَوْعُ مُنَاسَبَةٍ وَمُلَابَسَةٍ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ كَالْغَائِطِ، وَالْأَوَّلُ نُقِلَ إلَى الْحَقِيقَةِ، وَالثَّانِي إلَى الْمَجَازِ. قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَسْمَاءُ الْعُرْفِيَّةُ مُنْحَصِرَةٌ فِي هَذَيْنِ، وَلَا يُنْبِئُ الْعُرْفُ عَنْ الْوَضْعِ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِبَعْضِ الْأَسَامِي، وَلَوْ صُرِفَ إلَى أَصْلِ الْوَضْعِ لَلَزِمَ تَسْمِيَةُ جُمْلَةِ اللُّغَةِ عُرْفِيَّةً، وَلَا يُنْبِئُ عَنْ تَجْدِيدِ الْوَضْعِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ اللُّغَةِ، فَإِنَّ هَذَا سَبِيلُ كُلِّ لُغَةٍ سَبَقَهَا أُخْرَى، وَإِنَّمَا تُنْبِئُ عَمَّا يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ عُرْفًا مِنْ الْمَجَازَاتِ أَوْ يَغْلِبُ تَخْصِيصُهُ بِبَعْضِ الْمُقْتَضَيَاتِ، وَكَذَا قَالَ فِي " الْمَحْصُولِ ": التَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ عَنْ أَهْلِ الْعُرْفِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِمَا فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ وَذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْعُرْفِيَّةِ أَنْ يُوضَعَ اللَّفْظُ لِشَيْءٍ فِي اللُّغَةِ لَكِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِيهَا، فَيَسْتَعْمِلُهُ الْعُرْفُ فِي غَيْرِهِ كَعَسَى، فَإِنَّهُ وُضِعَ أَوَّلًا لِلْفِعْلِ الْمَاضِي، وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ قَطُّ، بَلْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْإِنْشَاءِ بِوَضْعِ الْعُرْفِ، فَصَارَتْ الْعُرْفِيَّةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ فِيمَا لَمْ يُوضَعْ لَهُ فِي اللُّغَةِ أَصْلًا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ اللُّغَوِيُّ أَيْضًا، أَوْ كَانَ لَهُ وَضْعٌ فِي اللُّغَةِ، وَاسْتُعْمِلَ فِيهِ، لَكِنْ هُجِرَ كَالْغَائِطِ، أَوْ لَمْ يُهْجَرْ، وَلَكِنْ قَصَرَهُ الْعُرْفُ عَلَى بَعْضِ مَوْضُوعَاتِهِ كَالدَّابَّةِ. وَأَمَّا الشَّرْعِيَّةُ فَهِيَ مِنْ مُهِمَّاتِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَحْكَمَ شَرْحَهَا. وَيَتَعَلَّقُ بِهَا مَبَاحِثُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute