تَنْبِيهٌ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُقُوعِ الْمُعَرَّبِ فِي اللُّغَةِ، وَأَطْلَقُوا هَذَا إطْلَاقًا، وَذَكَرَ حَازِمٌ فِي " مِنْهَاجِ الْبُلَغَاءِ " تَقْسِيمًا حَسَنًا، فَقَالَ: إنْ كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ اسْمًا أَوْ فِعْلًا أَوْ حَرْفًا، فَإِنْ كَانَ فِعْلًا أَوْ حَرْفًا، فَلَا يَجُوزُ إيقَاعُهُ أَلْبَتَّةَ فِيمَا أُجْرِيَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى قَوَانِينِ الْعَرَبِ وَمَجَارِي كَلَامِهَا، وَإِنْ كَانَ اسْمًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِمُسَمَّاهُ اسْمٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ فَلَا يَخْلُوَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْمَانِ الْعَرَبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ عَلَمَيْنِ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ نَكِرَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَا عَلَمَيْنِ جَازَ تَعْرِيبُ الْعَجَمِيِّ، وَإِنْ كَانَا نَكِرَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ غَيْرِ الْعَرَبِيِّ؛ إذْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ عَرَبِيٍّ أَنْ يُعَرِّبَ غَيْرَ الْأَعْلَامِ. وَأَعْنِي بِالتَّعْرِيبِ: أَنْ يَسْتَعْمِلَ فِيمَا أَجْرَى مِنْ الْكَلَامِ عَلَى قَوَانِينِ كَلَامِ الْعَرَبِ بِأَنْ يُلْحِقَهُ لَوَاحِقَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسَمَّى اسْمٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الِاسْمَ الَّذِي لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ حَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاسْمُ مِنْ وَضْعِ مَنْ لَا يَتَكَلَّمُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ عَلَى وَجْهِهِ، أَوْ كَانَ وَاقِفًا فِي بَعْضِ أَلْسُنِ الْعَجَمِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْمُ يَعْرِفُهُ أَهْلُ زَمَانِ مَنْ يُرِيدُ اسْتِعْمَالَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مَعْرِفَةً أَوْ نَكِرَةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْعَلَمِ الَّذِي لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ لَا يَجُوزُ تَعْرِيبُهُ مَعَ وُجْدَانِ الْبَدَلِ مِنْهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَرَبُ قَدْ عَرَّبَتْ أَسْمَاءً أَعْجَمِيَّةً نَكِرَاتٍ، فَذَلِكَ شَيْءٌ مَقْصُورٌ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّهُمْ أَيْضًا إنَّمَا عَرَّبُوهَا، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَيَكُونُ وَجْهُ تَعْرِيبِهِمْ إيَّاهَا الْوَجْهَ الَّذِي اسْتَنْسَبُوا مَعَهُ لِلْمُحْدَثِ أَنْ يُعَرِّبَ النَّكِرَةَ حَيْثُ لَا يَجِدَ بَدَلًا مِنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute