عَلَى الْمَنْقُوشِ فِي الْحَائِطِ بِصُورَتِهِ، وَإِمَّا فِي الْمَعْنَى كَالصِّفَةِ الظَّاهِرَةِ لِلْحَقِيقَةِ، كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْأَسَدِ عَلَى الشُّجَاعِ، فَلَا يَجُوزُ فِي الْحَقِيقَةِ كَاسْتِعَارَةِ لَفْظِ الْأَسَدِ لِلرَّجُلِ الْأَبْخَرِ؛ إذْ هِيَ صِفَةٌ غَيْرُ مَشْهُورَةٍ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ أَشْهَرَ صِفَاتِ الْمَحَلِّ، وَمِنْ هَاهُنَا تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْعَلَاقَةِ أَمْرًا ذِهْنِيًّا كَمَا سَبَقَ، وَنَحْنُ إنْ اشْتَرَطْنَا الظُّهُورَ، فَلَا نَشْرِطُ كَوْنَهُ ذِهْنِيًّا.
وَقَدْ اجْتَمَعَتْ الْمُشَابَهَةُ فِي الصُّورَةِ وَالصِّفَةِ الظَّاهِرَةِ مَعًا فِي قَوْله تَعَالَى {فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} [طه: ٨٨] فَإِنَّ الْعَلَاقَةَ مَجْمُوعُ الشَّكْلِ وَالْخُوَارِ، وَإِمَّا بِدُونِ أَدَاةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى، {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦] أَيْ: مِثْلُ أُمَّهَاتِهِمْ فِي الْحُرْمَةِ وَتَحْرِيمِ الْمُنَاكَحَةِ، وَقَوْلُهُمْ: أَبُو يُوسُفَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الْكَافِرِ كَافِرًا؛ إذْ حَقِيقَةُ الْكُفْرِ سَتْرُ جُرْمٍ بِجُرْمٍ وَتَغْطِيَتُهُ لِئَلَّا تَرَاهُ الْعُيُونُ، وَلَمَّا كَانَ الْكُفْرُ وَاحِدًا، وَالْإِيمَانُ وَاقِعٌ لِلْبَصِيرَةِ عَنْ إدْرَاكِ الْحَقِّ شُبِّهَ بِمَا يَمْنَعُ الْإِبْصَارَ مِنْ الْمَحْسُوسَاتِ. وَقِيلَ: فِي قَوْله تَعَالَى: {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: ٢٠] أَيْ: الزُّرَّاعَ لِكُفْرِهِمْ الْحَبَّ فِي الْأَرْضِ وَيُسَمَّى الْمَجَازُ الَّذِي عَلَاقَتُهُ الْمُشَابَهَةُ اسْتِعَارَةً، فَالِاسْتِعَارَةُ أَخَصُّ مِنْ الْمَجَازِ، وَخَصَّ الْإِمَامُ الِاسْتِعَارَةَ بِالْمُتَشَابِهِ الْمَعْنَوِيِّ لَا الصُّورِيِّ وَتَبِعَهُ الْهِنْدِيُّ، وَحَكَى عَبْدُ اللَّطِيفِ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّ الْمَجَازَ وَالِاسْتِعَارَةَ مُتَرَادِفَانِ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَجَازَ مُنْحَصِرٌ فِي الْمُشَابَهَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute