الْحُرُوفُ] أَحَدُهَا: الْحَرْفُ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ ضُمَّ إلَى مَا يَنْبَغِي ضَمُّهُ إلَيْهِ كَانَ حَقِيقَةً، وَإِلَّا فَهُوَ مَجَازٌ فِي التَّرْكِيبِ لَا فِي الْمُفْرَدِ، وَخَالَفَهُ النَّقْشَوَانِيُّ مُدَّعِيًا أَنَّ الْحُرُوفَ لَهَا مُسَمًّى فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي مَوْضُوعِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِعْمَالُ عِنْدَ ضَمِّهِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ عِنْدَ عَدَمِ الضَّمِّ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ لِعَلَاقَةٍ كَانَ مَجَازًا مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ، وَمِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] فَإِنَّ الصَّلْبَ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضُوعِهِ الْأَصْلِيِّ، وَكَذَلِكَ جُذُوعُ النَّخْلِ، وَلَمْ يَقَعْ الْمَجَازُ إلَّا فِي حَرْفِ " فِي " فَإِنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ فِي الْأَصْلِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَتْ هُنَا لِغَيْرِ الظَّرْفِيَّةِ قَالَ: لَوْ لَمْ يَدْخُلْ الْمَجَازُ فِي الْحَرْفِ بِالذَّاتِ لَمَا دَخَلَتْ فِيهِ الْحَقِيقَةُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي كِتَابِ " الْمَجَازِ " دُخُولَهُ فِي الْحُرُوفِ. وَمَذْهَبُ نُحَاةِ الْكُوفَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ نِيَابَةُ بَعْضِ الْحُرُوفِ عَنْ بَعْضٍ، وَخَالَفَهُمْ الْبَصْرِيُّونَ، وَجَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّضْمِينِ، وَهُوَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَجَازِ.
[الْأَفْعَالُ وَالْمُشْتَقَّاتُ] الثَّانِي: الْأَفْعَالُ وَالْمُشْتَقَّاتُ؛ لِأَنَّهُمَا يَتْبَعَانِ أُصُولَهُمَا وَأَصْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَصْدَرُ، فَإِنْ كَانَا حَقِيقَةً كَانَا كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَنَاقَشَهُ النَّقْشَوَانِيُّ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute