للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعائه - صلى الله عليه وآله وسلم - في، فموضوع الحديث كله يدور حول الدعاء كما يتضح للقاريء الكريم بهذا الشرح الموجز، فلا علاقة للحديث بالتوسل المبتدع، ولهذ أنكره الإمام أبو حنيفة فقال: أكره أن يسأل الله إلا بالله، كما في " الدر المختار " وغيره من كتب الحنفية.

وأما قول الكوثري في مقالاته (ص ٣٨١): وتوسُّل الإمام الشافعي بأبي حنيفة مذكور في أوائل " تاريخ الخطيب " بسند صحيح فمن مبالغاته بل مغالطاته فإنه يشير بذلك إلى ما أخرجه الخطيب (١/ ١٢٣) من طريق عمر بن إسحاق بن إبراهيم قال: نبأنا علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: "إنى لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم- يعني زائراً- فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره، وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني

حتى تقضى".

فهذه رواية ضعيفة بل باطلة فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف، وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال، ويحتمل أن يكون هو عمرو- بفتح العين- بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسى وقد ترجمه الخطيب (١٢/ ٢٢٦) وذكر أنه بخاري قدم بغداد حاجاًّ سنة (٣٤١) ولم يذكر فيه جرحاًّ ولا تعديلاً فهو مجهول الحال، ويبعد أن يكون هو هذا إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (٢٤٧) على أكثر الأقوال، فبين وفاتيهما نحومائة سنة فيبعد أن يكون قد أدركه.

وعلى كل حال فهي رواية ضعيفة لا يقوم على صحتها دليل وقد ذكر شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " معنى هذه الرواية ثم أثبت بطلانها فقال (ص ١٦٥): هذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له معرفة بالنقل، فالشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>