الصلاة في غيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - عنهم، فكيف يتركون التوسل به - صلى الله عليه وآله وسلم - أيضاً بعد وفاته، لو كان ذلك ممكناً، ويلجئون إلى التوسل بغيره؟ وكما لم يقبل أبو بكر أن يؤم المسلمين فمن البديهي أن لا يقبل العباس أيضاً أن يتوسل الناس به، ويدعوا التوسل بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لو كان ذلك ممكناً.
(تنبيه): وهذا يدل من ناحية أخرى على سخافة تفكير من يزعم أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - في قبره حي كحياتنا، لأنه لو كان ذلك كذلك لما كان ثمة وجه مقبول لانصرافهم عن الصلاة وراءه - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الصلاة وراء غيره ممن لا يدانيه أبداً في منزلته وفضله. ولا يعترض احد على ما قررته بأنه قد ورد أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «أنا في قبري حي طري، من سلم علي سلمت عليه".وأنه يستفاد منه أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - حي مثل حياتنا، فإذا توسل به سمعنا واستجاب لنا، فيحصل مقصودنا، وتتحقق رغبتنا، وأنه لا فرق في ذلك بين حاله - صلى الله عليه وآله وسلم - في حياته، وبين حاله بعد وفاته أقول:
لا يعترض أحد بما سبق لأنه مردود من وجهين:
الأول حديثي: وخلاصته أن الحديث المذكور لا أصل له بهذا اللفظ، كما أن لفظة (طري) لا وجود لها في شيء من كتب السنة إطلاقاً، ولكن معناه قد ورد في عدة أحاديث صحيحة، منها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي" قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمتَ (قال: يقولون: بَليتَ)، قال: «إن الله حرم على الأرض أجساد الأنبياء" ومنها قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون" وقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مررت ليلة أسري بي على موسى قائماً يصلي في قبره " وقوله: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن