للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضلالة الكبرى، ألا وهي الاستغاثة بغير الله تعالى، على اعتبار أن السبب الأقوى الموجب لها عند من ضلَّ من المسلمين، إنما هو الاعتقاد بأن الموتى يسمعون، فإذا تبين أن الصواب أن الموتى لا يسمعون، لم يبقَ حينئذٍ معنى لدعاء الموتى من دون الله تعالى.

فإني لا أكاد أتصور-ولا غيري يتصور-مسلمًا يعتقد أن الميت لا يسمع دعاء الداعية، ثم هو مع ذلك يدعوه، ومن دون الله يناديه، إلا أن يكون قد تمكنت منه عقيدة باطلة أخرى، هي أضل من هذه وأخزى؛ كاعتقاد بعضهم في الأولياء، أنهم قبل موتهم كانوا عاجزين، وبالأسباب الكونية مقيدين؛ فإذا ماتوا انطلقوا وتفلتوا من تلك الأسباب، وصاروا قادرين على كل شيء كربِّ الأرباب! ولا يستغربن أحد هذا ممن عافاهم الله تعالى من الشرك على اختلاف أنواعه؛ فإن في المسلمين اليوم من يصرِّح بأنَّ في الكون متصرفين من الأولياء دون الله تعالى ممن يسمونهم هنا في الشام بـ "المدَّرِّكين " وبـ"الأقطاب" وغيرهم، وفيهم من يقول: "نظرة مِن الشيخ تقلب الشقي سعيداً "! ونحوه من الشركيات.

قال العلامة السيد رشيد رضا في "تفسيره" (١١/ ٣٩١) تحت قوله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ} (يونس: ٤٩).

" أي لكن ما شاء الله من ذلك كان متى شاء، لا شأن لي فيه؛ لأنه خاص بالربوبية دون الرسالة التي وظيفتها التبليغ لا التكوين.

وقد بلغ من جهل الخرافيين من المسلمين بتوحيد الله أن مثل هذه النصوص من آيات التوحيد لم تصدّ الجاهلين به منهم عن دعوى قدرة الأنبياء والصالحين-حتى الميتين منهم-على كل شيء من التَّصَرُّف في نفعهم وضرهم مما يجعله الله

<<  <  ج: ص:  >  >>