للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى من الكسب المقدور لهم بمقتضى سننه في الأسباب، بل يعتقدون أن منهم من يتصرفون في الكون كله؛ كالذين يُسَمُّونهم بالأقطاب الأربعة. وإنَّ بعض كبار علماء الأزهر في هذا العصر يكتب هذا حتى في مجلة الأزهر الرسمية (نور الإسلام)! فيفتي بجواز دعاء غير الله من الموتى والاستغاثة بهم في كل ما يعجزون عنه من جلب نفع، ودفع ضر.

وألَّف بعضهم كتابًا في إثبات ذلك (١)، وكونُ الميتين من الصالحين ينفعون ويضرون بأنفسهم، ويخرجون من قبورهم، فيقضون حوائج من يدعونهم ويستغيثون بهم! قال في "فتح البيان" (٢) بعد نقله الأول في الاستثناء عن أئمة المفسرين وترجيحه ما نصه: " وفي هذا أعظم وازع، وأبلغ زاجر، لمن صار دَيْدَنُه وهِجِّيراه المناداة لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو الاستغاثة به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعها إلا الله سبحانه؛ وكذلك من صار يطلب من الرسول ما لا يقدر على تحصيله إلا الله سبحانه، فإن هذا مقامُ رب العالمين، الذي خلقَ الأنبياءَ والصالحين وجميع المخلوقين، ورزقهم وأحياهم ويميتهم، فكيف يطلب مِن نبي من الأنبياء، أو ملك من الملائكة، أو صالح من الصالحين ما هو عاجز عنه غير قادر عليه؟ ويترك الطلب لرب الأرباب، القادر على كل شيء، الخالق الرازق المعطي المانع؟! وحسبك بما في الآية من موعظة؛ فإن سيد ولد آدم وخاتم الرسل يأمره الله بأن يقول لعباده: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} فكيف


(١) قلت: كأنه يشير إلى كتاب "شواهد الحق في الاستغاثة بسيد الخلق" للشيخ يوسف النبهاني؛ فإنه أزهري، وكانت وفاته في بيروت سنة ١٣٥٠ هـ- ١٩٣٢م، وقيل: إنه مات ودفن في بلدته إجزم شمالي فلسطين كما في "الأعلام" للأستاذ الزركلي. غير أن أخي الأستاذ زهير يصر على أنه مات في بيروت ودفن بمقبرة الباشورة. [منه].
(٢) (ج٤ ص ٢٢٥ - ٢٢٦). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>