للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحْصَى عددهم، وتجد من حملة العمائم الأزهريين وغيرهم ولا سيما سَدَنَهُ المشاهد المعبودة الذين يتمتعون بأوقافها ونذورها من يغريهم بشركهم، ويتأوله بتسميته بغير اسمه في اللغة العربية كالتوسُّل وغيره.

وقد سمعت من كثيرين من الناس في مصر وسورية حكاية يتناقلونها، ربما تكررت في القطرين لتشابه أهلهما وأكثر مسلمي هذا العصر خرافاتهم، وملخصها: أن جماعة ركبوا البحر فهاج بهم حتى أشرفوا على الغرق؛ فصاروا يستغيثون معتقديهم، فبعضهم يقول: يا سيد يا بدوي! وبعضهم يصيح: يا رفاعي! وآخر يهتف: يا عبد القادر يا جيلاني! .. الخ، وكان فيهم رجل موحد ضاق بهم ذرعًا؛ فقال: يا ربّ أغرِقْ؛ ما بقى أحدٌ يعرفك! ". (١١/ ٣٣٨ - ٣٣٩).

ثم ذكر في معنى الآية نحو ذلك عن الإمام الآلوسي والد المؤلف في "روح المعاني ثم قال الآلوسي:

"وظاهرُ الآية أنَّه ليس المراد تخصيص الدُّعاء فقط به سبحانه، بل تخصيص العبادة به تعالى أيضاً؛ لأنهم بمجرد ذلك لا يكونون مخلصين له الدين، وأيًّا ما كان فالآية دالةً على أن المشركين لا يدعون غيره تعالى في تلك الحال، وأنت خبير بأن الناس اليوم إذا اعتراهم أمرٌ خطير، وخطبٌ جسيم، في برٍ أو بحر، دعْوا من لا يضر ولا ينفع، ولا يرى ولا يسمع؛ فمنهم من يدعوا الخضر وإلياس، ومنهم من ينادي أبا الخميس والعباس، ومنهم من يستغيث بأحد الأئمة، ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمَّة، ولا ترى أحداً فيهم يخص مولاه، بتضرُّعِه ودُعاه، ولا يكاد يمرُّ له بال، انه لو دعا الله تعالى وحده ينجو من هاتيك الأهوال، فبالله عليكَ قل لي: أي الفريقين من هذه الحيثية أهدى سبيلا؟ وأي الدَّاعيين أقومُ قِيلا؟ وإلى الله المشتكَى من زمان عصفَتْ فيه ريحُ الجهالة، وتلاطمت أمواجُ الضَّلالة،

<<  <  ج: ص:  >  >>