والحفاظ لا شك أن علماء الحديث لا يعنون برواية هذه المناقب كما يعنون برواية الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالأسانيد الصحيحة، وهم في الأغلب يذكرون المناقب معلقة دون ذكر إسناد ما مثل هذه المناقب، وعلى ذلك فلا نستطيع أن نثبت أو أن ننكر وندع الأمر هكذا معلقًا حتى يتسنى لنا الوقوف على إسناد يمكن تطبيق قواعد علم الحديث عليه، ثم لا يترتب من وراء ذلك أي فائدة شرعية تذكر، وما هذه المناقب التي تذكر في بعض التراجم عندي إلا كمثل ما يروى عن بني إسرائيل، وقد تعلمون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول:«بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار» وقال في بعض الأحاديث الأخرى: «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم»(١) لأننا قد نصدق بشيء وهو كذب، أو نكذب بشيء وهو صدق.
وهكذا أنا أقول بالنسبة لبعض المناقب، فضلًا عن المثالب فلا نقف عندها كثيرًا إلا إذا جاء شيء منها ... بالسند الذي نصحح به الحديث أو نحسنه على الأقل، حينذاك نقول: ثبت هذا أو لم يثبت، أما ما أشرت إلى بعض ما جاء عن بعض الصحابة فلا شك أن بعض ذلك ثابت صحيح عنهم، وما تبرك بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعرقه - صلى الله عليه وآله وسلم - وخلطها إياه بطيبها هذا مما لا شك فيه لوروده في صحيح مسلم، ولذلك فلا يستطيع حديثي عنده إلمام بالروايات وبنقلها تصحيحًا وتضعيفًا أن ينكر وقوع مثل هذا التبرك من بعض الصحابة لبعض آثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في حياته وبعد وفاته.
لكننا نرى نحن أن هذا الحكم ينبغي سده من باب سد الذرائع؛ لأن الذين