للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتردد على هذا الراهب صباح مساء، فإذا خرج من دار أبيه صباحاً حول عليه وتأخر بمجيئه إلى معلمه الساحر، فعاقبه وضربه لماذا تتأخر، وحينما ينصرف من الساحر ليعود إلى دار أبيه حول على الراهب فتأخر عن الدار فضربه الوالد، وهكذا هو بين ضاربين.

ذات يوم خرج كعادته من بيته ويمشي في الطريق وإذا الطريق واقف والناس واقفين هنا وهنا، نظر وإذا أفعى قطعت الطريق على الناس، ولا أحد يتجرأ للسير، فرفع الغلام يديه ودعا وقال: اللهم إن كان الراهب على حق فاصرف عنا هذه الآفة، فما كاد يتم كلامه إلا انصرفت الآفة، وانتبه الناس الذين حوله واعتقدوا، تعرف يومئذ الناس يعتقدون بهذه الأشياء كثيراً، صاروا يتبركون به.

وشاع خبر هذا الغلام، عند الملك وزير أعمى، بلغه خبر هذا الغلام المبارك، فأرسل إليه أو جاء إليه وقال له: عافني أو اشفني، قال: ربك هو الذي يعافيك، لكني أدعو لك ربي أن يعافيك، فدعا له فشفاه، ورجع بصيراً، لكن هذا الشفاء العاجل كان مرِّبياً للوزير ومُذكِّراً له بضلال ملكه الذي كان مستعبداً له ولمن دونه، فصار يعبد الله لا شريك له.

فلما دخل على الملك ورآه بصيراً سأله عن السبب، قال: ربِّ عافاني، فعرف الملك أنه كفر به، فسأله: فدله على الغلام، وهنا كان الراهب أوعز إلى الغلام بأنك ستبتلى بي، فإذا سئلت عني فلا تخبر، الملك لما رأى الوزير كفر به وآمن بربه بعد أن عاد بصيراً فقتله لكن بعد أن سأله من أين هذا؟ قال: من الغلام، أرسل وراء الغلام، واستجوبه واستنطقه فصارحه بأن الله عز وجل هو الذي شفاه، فعرف الملك أن الغلام هو سبب إضلال وزيره، فأمر بقتله بطريقة غريبة جداً، وهي: أمر الجند أن يأخذوه إلى أعلى قمة في جبل ويرموه من أعلى الجبل إلى الأسفل

<<  <  ج: ص:  >  >>