بصحتها من حيث الدراية، فكأنه لم يقف على إسنادها، لأنه علقها على أبي رافع عن أبي هريرة، فقال رحمه الله (١٨/ ٤٠):
"وهذه اللفظة- إن صحت- رفعت الإشكال في إيمان هذا الرجل، وإن لم تصح من جهة النقل؛ فهي صحيحة من جهة المعنى، والأصول كلها تعضدها، والنظر يوجبها، لأنه محال غير جائز أن يغفر للذين يموتون وهم كفار؛ لأن الله عز وجل قد أخبر أنه {لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} لمن مات كافراً، وهذا ما لا مدفع له، ولا خلاف فيه بين أهل القبلة.
والدليل على أن الرجل كان مؤمناً قوله حين قيل له " لم فعلت هذا؟ " فقال:" من خشيتك يا رب! ". والخشية لا تكون إلا لمؤمن مصدق؛ بل ما تكاد تكون إلا لمؤمن عالم؛ كما قال الله عز وجل:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}(فاطر:٢٨)، قالوا: كل من خاف الله فقد آمن به وعرفه، ومستحيل أن يخافه من لا يؤمن به. وهذا واضح لمن فهم وألهم رشده.
وأما قوله: "لئن قدر الله علي "؛ فقد اختلف العلماء في معناه؛ فقال منهم قائلون: هذا رجل جهل بعض صفات الله عز وجل، وهي القدرة، فلم يعلم أن الله على كل ما يشاء قدير، قالوا: ومن جهل صفة من صفات الله عزوجل، وآمن بسائر صفاته وعرفها؛ لم يكن بجهله بعض صفات الله كافراً. قالوا: وإنما الكافر من عاند الحق لا من جهله.
وهذا قول المتقدمين من العلماء ومن سلك سبيلهم من المتأخرين.
وقال آخرون: أراد بقوله: "لئن قدر الله علي " من القدر الذي هو القضاء، وليس من باب القدرة والاستطاعة في شيء. قالوا: وهو مثل قول الله عز وجل في