يحيونها وهم أحرار دخلوا حياة جديدة وهم عبيد، ولكنهم في حياتهم خير مما كانوا عليه وهم كانوا أحراراً، ذلك لأنهم تداخلوا مع المسلمين في بيوتهم، في أسواقهم، في مساجدهم .. فعرفوهم وعرفوا أخلاقهم، وعرفوا تأثير دينهم في تربيتهم عن كثب وعن قرب, فتجلى لهم عملياً ما هو الدين الحق فآمنوا غير مكرهين، وآمنوا بقلوبهم بوازع من شخصهم, وليس كأولئك الذين يؤمنون رغم أنوفهم إما خلاصاً من القتل إذا ما وقفوا أمام الدعوة الإسلامية، أو خلاصاً من دفع الجزية عن يد وهم صاغرون .. , أما هؤلاء قد أسلموا طواعية وبإخلاص من قلوبهم ودخلوا في الإسلام, ولا شك أن من دخل في الإسلام دخل الجنة بسلام إلى هذه الحقيقة التي لو أراد الإنسان أن يشرحها شرحاً مبسطاً موسعاً لكان من ذلك كتاب إلى هذه الحقيقة أشار عليه السلام في الحديث السابق:{إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل} فإذاً الأسباب التي تكون مشروعة فهي تؤدي إلى الجنة، ومن هذه الأسباب طلب العلم ومن وسائل طلب العلم هو طلبه مع الجماعة، وهذه الجماعة ينبغي عليهم حسب ما عرفتم أن يكونوا متقاربين في أبدانهم كما يجب عليهم أن يكونوا متقاربين متوادين متحابين في قلوبهم ..
فكثير من الناس لا ينتبه وقد لا يعلم مطلقاً تأثير الظاهر على الباطن، قد لا يعلم أن الأمور الظاهرة لها أكبر تأثير في القلوب الباطنة المكنونة في الصدور سواء كانت هذه الأمور الظاهرة حسنة خيرة أو كانت باطلة سيئة، فكل من النوعين يؤثر في القلب إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذه حقيقة شرعية قبل أن تُصبح حقيقة علمية نفسية؛ ذلك لأن الإسلام سبق كل العلوم التي قد تصل مع الزمن القصير أو المديد إلى حقائق كان الناس عنها غافلين, سابقهم الإسلام إلى هذه الحقائق قبلهم بسنين وبكثير من الأيام، قلت: إن تأثير الظاهر على الباطن هذه حقيقة علمية شرعية قبل أن تصبح حقيقة علمية تجربية، وقد حرص النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -