لي أراكم عزين؟!» أي: متفرقين، والحديث هذا في صحيح مسلم، فلفت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - نظر الجالسين في المسجد النبوي يومئذ ألا تتعدد حلقاتهم وأن يوحدوا الحلقة العلمية وأن يجتمع بعضهم إلى بعض ..
لقد اهتم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بتجميع الناس وحذرهم من أن يتفرقوا في أجسامهم وأجسادهم حتى ولو كانوا في العراء أو الصحراء، فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله تعالى عنه قال:«كنا إذا سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - تفرقنا في الشعاب والوديان، فقال لنا يوماً: إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان» ليسوا في جلسة علمية، وإنما في سفرة في البرية، كانوا يتفرقون كلٌّ ينتحي ناحية من أشجار ظليلة أو واد رطب أو نحو ذلك، فأنكر عليه الصلاة والسلام ذلك التفرق وقال:«إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان».
قال أبو ثعلبة رضي الله تعالى عنه: فكنا بعد ذلك إذا نزلنا وادياً اجتمعنا، حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا.
استجابوا لله وللرسول حينما دعاهم، فكانوا لا يتفرقون في منازلهم وهم قوم سفر مسافرون، كانوا يجتمعون.
ما السر في اهتمام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في تجميع الناس وأن لا يسمح لهم أن يتفرقوا في أبدانهم حتى في الصحراء ما هو السر؟
سبق مني آنفاً الإشارة إلى ذلك، ولكن الإشارة في كثير من الأحيان لا تغني عن صريح العبارة، بل صريح العبارة تحتاج أحياناً إلى البيان والشرح والتوضيح، فلا بد لي من شيء من هذا.
قلت آنفاً: لأن الظاهر عنوان الباطن، أي: إن المسلمين إذا تفرقوا في