ظواهرهم كان ذلك سبباً ومدعاة لأن يتفرقوا في قلوبهم، وهذا ما كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يصرح به حينما كان يقوم إلى الصلاة ولا يدخل فيها إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف كما هو معلوم لدى الجميع، ولكن القليل من الناس الذين أولاً يعلمون ماذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول للناس حينما يأمرهم بتسوية الصفوف، كان يقول عليه الصلاة السلام:«لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم».
وهذا الحديث مع الأسف الشديد من سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - العملية من ناحية والقولية من ناحية أخرى؛ ذلك لأنه كان يسوي الصفوف ويحضهم على الاعتناء بالتسوية، ويحذرهم من المخالفة، وينبؤهم بأن هذه المخالفة تكون سبباً للتفريق بين قلوبهم، «لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم».
نحن نرى اليوم أن أكثر أئمة المساجد لا أستثني منهم أئمة المسجد الحرام والمسجد النبوي فضلاً عن غيرها من المساجد، كلهم قد أخلوا بالاهتمام بتسوية الصفوف وتحذير الناس من المخالفة في تسويتها، فلا تكاد تسمع منهم، أحسنهم من يقول: استووا. ويلتفت يميناً ويساراً وانتهى الأمر، أما النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أما أصحابه الخلفاء الراشدين من بعده فقد كانوا يهتمون اهتماماً بالغاً جداً جداً، فلا يكبر أحدهم تكبيرة الإحرام إلا بعد أن يطمئن أن الناس استجابوا للأمر بتسوية الصفوف من جهة، وأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وكذلك أصحابه من بعده، كانوا لا يكتفون فقط بكلمة استووا، استووا، ولا أن يقول فقط لهذا تقدم ولهذا تأخر، وإنما كان يقدم عليه السلام وأصحابه الكرام بين يدي ذلك المرغبات والمنشطات لأن يستجيب الناس لدعوة الرسول عليه السلام في تسوية الصف بالإضافة إلى الحديث السابق:«لتسون صفوفكم .. » كان يقول عليه الصلاة السلام: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة» وفي رواية: «من حسن الصلاة». روايتان صحيحتان.