للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مثله؛ لأنهم حين يفسرون السمع والبصر بالغيب فالناس أيضًا فيهم عالم وجاهل، وبعض من يقول: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (الزمر:٩) فإذًا هناك كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اشتراك لفظي وليس اشتراكًا حقيقيًا في المعنى، فصفة السمع وصفة البصر وصفة العين، هذه الصفات الثلاث اتصف بها ربنا تبارك وتعالى كغيرها مما جاء في القرآن، لكن كون الإنسان أيضًا يوصف بأنه سميع ويوصف بأنه بصير وقد يقال فيه عليم، فذلك لا يعني أن سمعه وبصره وعلمه كسمع الله وبصره وعلمه، لذلك فحينما فر المعتزلة بهذا التأويل للسمع والبصر والعلم يقال لهم: عطلوا صفتين حقيقتين من صفات الله تبارك وتعالى.

نعود الآن إلى الذين يفوضون، فماذا يقولون؟ يقول: نؤمن بالآية كما جاءت لكن لا ندري ما معنى عليم .. ما معنى سميع .. ما معنى بصير، نكل الأمر إلى الله تبارك وتعالى، ويلبسون على الناس أن هذا هو مذهب السلف، ليس هذا هو مذهب السلف، مذهب السلف إثبات للصفة مع التنزيه، مذهب المفوضة لا يثبتون شيئًا، يقولون: الله أعلم بمراده، أما التنزيه فهو أمر مشترك بين جميع الطوائف، سواءً السلف، أو المفوضة، أو الأشاعرة، أو الماتريدية، كلهم يلتقون في تنزيه الله عز وجل وعدم المشابهة للحوادث، لكنهم يختلفون في ما موقفهم تجاه كل الصفات التي جاءت في الكتاب والسنة منها هذا المثال الذي بين

أيدينا الآن.

فإذا اختلف السلف في آية أو في حديث ما، فذلك لا يعني أنهم خرجوا عن هذه القاعدة، وإنما الخلف الذين يقولون: علم السلف أسلم، وعلم الخلف أحكم وأعلم، فالأصل إذًا في الاختلاف هو في القاعدة وليس فيما يلزم ... اختلاف كل

<<  <  ج: ص:  >  >>