هذا الجواب المختصر الواضح من ترجمان القرآن في تفسير هذه الآية هو الذي لا يمكن أن يفهم سواه من النصوص التي ألمحت إليها آنفاً في مطلع كلمتي هذه، أن كلمة الكفر ذكرت في كثير من النصوص، مع ذلك تلك النصوص لا يمكن أن تفسر بهذا التفسير الذي فسروا به الآية، أو لفظ الكفر الذي جاء في تلك النصوص لا يمكن أن يفسر بأنه يساوي الخروج من الملة، فمن ذلك مثلاً الحديث المعروف في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر».
قتاله كفر، عندي هو تفنن في الأسلوب العربي في التعبير؛ لأنه لو قال قائل سباب المسلم وقتاله فسوق يكون كلاماً صحيحاً؛ لأن الفسق هو المعصية وهو الخروج عن الطاعة، لكن الرسول عليه الصلاة السلام باعتباره أفصح من نطق بالضاد، قال:«سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» ترى هل يجوز لنا أن نفسر الفقرة الأولى من هذا الحديث سباب المسلم فسوق بالفسق المذكور في اللفظ الثاني أو الثالث في الآية السابقة: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون}، و «سباب المسلم فسوق» نقول: قد يكون الفسق أيضاً مرادفاً للكفر الذي هو بمعنى الخروج عن الملة، وقد يكون الفسق مرادفاً للكفر الذي لا يعني الخروج عن الملة، وإنما يعني ما قاله ترجمان القرآن إنه كفر دون كفر، وهذا الحديث يؤكد أن الكفر قد يكون بهذا المعنى؛ لأن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم الآية المعروفة:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}(الحجرات:٩)، إذاً: قد ذكر هنا ربنا عز وجل الفرقة الباغية التي تقاتل الفرقة الناجية الفرقة المحقة المؤمنة، ومع ذلك