إذاً: وخلاصة الكلام الآن أنه لا بد من معرفة أن الكفر كالفسق والظلم ينقسم إلى قسمين: كفر ظلم فسق يخرج عن الملة، وكل ذلك يعود للاستحلال القلبي، وخلاف ذلك يعود إلى الاستحلال العملي، وبخاصة ما فشى في هذا الزمان من استحلال الربا وكل هذا كفر عملي، فلا يجوز لنا أن نكفر هؤلاء بمجرد ارتكابهم معصية واستحلالهم إياها عملياً إلا إذا صدر منهم أو بدا لنا منهم ما يكشف لنا عما في قرارة نفوسهم أنهم لا يحرمون ما حرم الله ورسوله عقيدة، فإذا عرفنا أنهم وقعوا في هذه المخالفة القلبية حكمنا حينئذ بأنهم كفروا كفر ردة، أما إذا لم نعلم ذلك فلا سبيل لنا إلى الحكم بكفرهم؛ لأننا نخشى أن نقع في وعيد قوله عليه الصلاة والسلام:«من كفر مسلماً فقد باء به أحدهما» والأحاديث الواردة في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جداً.
نذكر بهذه المناسبة بقصة ذلك الصحابي الذي بارز مشركاً فلما رأى المشرك أنه صار تحت ضربة سيف المسلم الصحابي قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالاها الصحابي وقتله، فلما بلغ خبره النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنكر عليه ذلك أشد الإنكار كما تعلمون، فاعتذر الرجل بأنه ما قالها إلا خوفاً من القتل، فكون جوابه - صلى الله عليه وآله وسلم -: «هلا شققت عن قلبه»(١).
إذاً: الكفر الاعتقادي ليس له علاقة بالعمل، ونحن لا نستطيع أن نعلم ما في قلب الكافر الفاجر السارق الزاني المرابي إلى آخره إلا إذا عبر عما في قلبه بلسانه، أما عمله فعمله ينبئ أنه خالف الشرع مخالفة عملية، فنحن نقول إنك