للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعصار المتقدمة، ولعل القسمين الأوسطين، وكذا من خفت بدعته من الأول، تنقذهم رحمة ربك من النظام في سلك الابتداع بحسب المجازاة الأخروية، ورحمة ربك أوسع لكل مسلم، لكنا تكلمنا على مقتضى الحديث ومصداقة، وأن أفراد الفرق المبتدعة وإن كثرت الفرق فلعله لا يكون مجموع أفرادهم جزءا من ألف جزء من سائر المسلمين: فتأمل هذا تسلم من اعتقاد مناقضة الحديث لأحاديث فضائل الأمة المرحومة ".

قلت: وهذا آخر كلام الشيخ المقبلي رحمه الله، وهو كلام متين يدل على علم الرجل وفضله ودقة نظره، ومنه تعلم سلامة الحديث من الإشكال الذي أظن أنه عمدة ابن الوزير رحمه الله في إعلاله إياه. والحمد لله على أن وفقنا للإبانة عن صحة هذا الحديث من حيث إسناده، وإزالة الشبهة عنه من حيث متنه.

وهو الموفق لا إله إلا هو. ثم وقفت على كلام لأحد الكتاب في العصر الحاضر ينكر في كتابه " أدب الجاحظ " (ص ٩٠) صحة هذا الحديث للدفاع عن شيخه الجاحظ! فهو يقول: " ولو صح هذا الحديث لكان نكبة كبرى على جمهور الأمة الإسلامية؛ إذ يسجل على أغلبيتها الخلود في الجحيم ولو صح هذا الحديث لما قام أبو بكر في وجه مانعي الزكاة معتبرا إياهم في حالة ردة ... " إلى آخر كلامه الذي يغني حكايته عن تكلف الرد عليه، لوضوح بطلانه لاسيما بعد قراءة كلام الشيخ المقبلي المتقدم.

على أن قوله " الخلود في الجحيم " ليس له أصل في الحديث، وإنما أورده الكاتب المشار إليه من عند نفسه ليتخذ ذلك ذريعة للطعن في الحديث. وهو سالم من ذلك كله كما بينا والحمد لله على توفيقه.

"الصحيحة" (١/ ١/٤٠٤، ٤٠٨ - ٤١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>