للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمرين قد يكون عملياً وقد يكون قلبياً، الاستحلال يقول الرسول عليه السلام في حديث البخاري الصحيح، وإن كان صورته عند بعض المحدثين صورة الحديث المعلق: «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف، يمسون في لهو ولعب، ويصبحون وقد مسخوا قردة وخنازير» (١)، هذا الاستحلال يمكن أن يقع من هؤلاء الممسوخين استحلالاً اعتقادياً، وهذا هو الظاهر لشدة العقوبة التي يخبر الرسول عليه السلام عنها في هذا الحديث، ويمكن أن يكون استحلالاً قلبياً، وكل عاصٍ لا بد له من استحلال على وجه من الوجهين المشار إليهما، كل عاصٍ الذي يشرب الخمر، والذي يسرق، والذي يزني، والذي يأكل الربا، كل هؤلاء بلا شك فساق وعصاة وبعض هذه الأمور من أكبر الكبائر كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة، فهل هؤلاء يحكم عليهم أنهم كفار؛ لأنهم استحلوا ارتكاب ما حرم الله عز وجل؟ الجواب: لا، لا نقول هذا، ولا نقول خلافه، وإنما لابد من التفصيل، من واقع شيئاً من هذه المحرمات، وهو يعترف بمخالفته لربه فهو كفره كفر عملي، ومن يستحل ذلك قلباً وقالباً فكفره كفر اعتقادي، هكذا يقال عن الشخص يقر المعصية أي لا ينكر، أو يستحلها عملياً في نفسه، فإما أن يكون هذا الإقرار وذاك الاستحلال قلباً فهو الكفر بعينه، أو بدناً فهو الكفر دون كفر، كما صح عن ابن عباس.

الملقي: قلتم بأن القلب يعكس على الظاهر، وأنهما توأمان، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا نزع أحدهما نزع الآخر» (٢)، فإذا كان إنسان بظاهر أعماله يدل على الكفر عملاً فكيف نوفق يعني إذا كيف نقول بأنهما قرنا


(١) البخاري (رقم٥٢٦٨).
(٢) صحيح الترغيب والترهيب (رقم٢٦٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>