النصارى لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: عيسى ابن الله، فقال النصراني للمسلم: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد؛ فلما أصبح به الصباح جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقص عليه الرؤيا، فقال له عليه السلام:«هل قصصتها على أحد»، قال: لا، فخطبهم عليه الصلاة والسلام فقال لهم ما معناه:«طالما كنت أسمعكم تقولون كلمة فأستحي منكم؛ فلا يقولن أحدكم: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن ليقل: ما شاء الله وحده. أو: ما شاء الله ثم شاء محمد». الشاهد: في كل من الحديثين أن الرجل الأول حينما خاطبه الرسول عليه السلام بقوله: أجعلتني لله نداً إنما يعني: جعله لله نداً لفظاً؛ لأنه لو جعله لله نداً قلباً لحكم عليه بالردة، ولفرق بينه وبين الزوجة، ولا بد من تجديد الإسلام والنكاح.
لكن يعلم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن هذا الصحابي ما آمن بالله ورسوله إلا فراراً من الشرك، ولكن لم ينتبه لسوء اللفظ وسوء التعبير، الذي يدل على أن إرادة الله مقرونة بإرادة رسول الله، أو أن إرادة رسول الله مقرونة بإرادة الله، لو اعتقد إنسان هذا لَكَفَرَ ولا ريب، لكن ما خطر في باله هذا المعنى، ولذلك اكتفى عليه الصلاة والسلام بالإنكار اللفظي أيضاً؛ لأن الرجل إنما وقع في الكفر اللفظي، ولم يقع في الكفر القلبي؛ لذلك اكتفى عليه السلام بأن ينكر عليه لفظاً، الرجل الذي رأى تلك الرؤيا في المنام، فيها أن الرسول قال له:«هل قصصت على أحد؟» قال: لا، قال مخاطباً لأصحابه، كان يسمعهم يقولون هذه الكلمة فيستحي منهم، لو كان يعلم أنهم يقولونها قاصدين وهو الشرك بعينه لما استحيا منهم، لكن لما كان قد لاحظ عليه الصلاة والسلام أنهم على جاهليتهم السابقة من التهاون في التعبير كما ذكرنا آنفاً أن أحدهم كان يقول: لقست نفسي، خبثت نفسي، فأصلح ذلك الرسول منهم، وقال:«ليقول: لقست نفسي»، كذلك كانوا يستعملون مثل هذه العبارات حتى فيما يتعلق بذات الله تبارك وتعالى، فهنا الآن الإقرار والاستحلال، كلٌ من