كله؛ ألا وهي القلب»، وكما جاء أيضاً في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان من هديه حينما يقوم ليصلي إماماً بأصحابه أن يأمرهم بتسوية الصفوف ويرهبهم ويخيفهم أن لا يُخلُّوا بشيء من تسوية الصفوف بمثل قوله عليه السلام:«لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم»، فالاختلاف في تسوية الصف أمر ظاهري اعتبره الشارع الحكيم سبباً لاختلاف القلوب، فإذاً الظاهر مربوط بالباطن، وهذه حقيقة عليها أدلة كثيرة جداً من الشريعة الإسلامية كتاباً وسنة، والذي أريد أن أصل إليها هو أن الألفاظ يجب الاهتمام بها؛ لأنها من الأمور الظاهرة، وأن لا نقول كما يقول بعض الجهلة: يا أخي العبرة بما في القلب؛ لا، قد سمعنا آنفاً أنه إذا صلح القلب صلح البدن، صلح الباطن صلح الظاهر، صلح الظاهر صلح الباطن، فسبحان الذي ربط الظاهر بالباطن فكل منهما يمد الآخر إمداداً عجيباً غريباً جداً، ما تدري آلقلب ينصلح قبل الظاهر؟ أم الظاهر قبل الباطن فهما متشابكان تمام التشابك.
فالشاهد نريد أن نقول بأن الكفر قد يكون لفظاً وقد يكون قلباً، ومن الأحاديث المشهورة في الكفر اللفظي دون الكفر القلبي أنه كما جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله، بالسند الصحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خطب في أصحابه يوماً فقام رجل من أصحابه ليقول له: ما شاء الله وشئت يا رسول الله، ما شاء الله وشئت، فغضب عليه السلام وقال:«أجعلتني لله نداً؟ قل: ما شاء الله وحده»، وفي الحديث الآخر أن رجلاً رأى رؤيا في المنام أنه بينما كان يمشي في بعض طرق المدينة لقي رجلاً من اليهود، قال له: نعم القوم أنتم معشر اليهود لولا أنكم تشركون بالله، فتقولون: عزير ابن الله، فأجابه اليهودي بقوله: ونعم القوم أنتم معشر المسلمين لولا أنكم تشركون بالله، فتقولون: ما شاء الله وشاء محمد، ثم مضى، فلقي رجلاً من النصارى فقال له: نعم القوم أنتم معشر