للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون على ما أنا عليه وأصحابي» وأكد ذلك، عليه الصلاة والسلام، في قوله في الحديث المتفق عليه بين الشيخين «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» فإذن لا تزال في هذه الأمة جماعة مباركة طيبة قائمة على هدي الكتاب والسنة فهي أبعد ما تكون عن الجاهلية القديمة أو الحديثة، ولذلك فإن الذي أراه أن إطلاق الجاهلية على القرن العشرين فيه تسامح قد يوهم الناس بأن الإسلام كله قد انحرف عن التوحيد وعن الإخلاص في عبادة الله عز وجل انحرافًا كلياً، فصار هذا القرن، القرن العشرين، كقرن الجاهلية الذي بُعث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وصحبه إلى إخراجه من الظلمات إلى النور حينئذ، هذا الاستعمال أو هذا الإطلاق يحسن تقييده في الكفار أولاً الذين -كما قال تعالى في شأنهم - {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}.

وصف القرن العشرين بالجاهلية إنما ينطبق على غير المسلمين الذي لم يتبعوا الكتاب والسنة ففي هذا الإطلاق إيهام بأنه لم يبق في المسلمين خير، وهذا خلاف ما سبق بيانه من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام المبشرة ببقاء طائفة من الأمة على الحق ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام «إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء ... قالوا من هم يا رسول الله» جاء الحديث على روايات عدة في بعضها يقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - واصفاً الغرباء: «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» (١) وفي رواية أخرى (٢)، قال عليه الصلاة


(١) ضعف الجامع (رقم١٤٤١).
(٢) صحيح الجامع (رقم٧٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>