لا شك أن قصر الآية أو قصر دلالة الآية على الملوك والرؤساء وحكام الشعوب والدول الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، لا شك أن في هذا القصر للآية شطب وضرب للقسم الأكبر من معناها، ذلك أن الآية أولاً من حيث دلالتها تشمل كل حاكم، سواء كان رئيساً أو كان مرؤوساً، سواء كان والياً على المسلمين ولاه المسلمون أو كان والياً من طرف هذا الملك أو هذا الإمام الأعلى، كما هو شأن مثلاً القضاة في كل زمان ومكان هم يأتمرون بأمر الحاكم الأعلى من البشر أو الرئيس أو الملك أو الخليفة، فقوله تبارك وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ}(المائدة:٤٤) يشمل كل هؤلاء الحكام، سواء الأعلى أو الأدنى، أولاً: لعموم الدلالة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ}(المائدة:٤٤)، وهناك ما هو أقوى في الدلالة أيضاً من عموم النص ألا وهو سبب ورود النص، هناك مقولة للفقهاء تعتبر قاعدة علمية فقهية ينبغي على طلاب العلم أن يكونوا أولاً على معرفة بها، وثانياً: على التزام منهم لها، وهي: قولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهنا عموم اللفظ يشمل كل حاكم، ولو كان السبب ورد بالنسبة للحاكم الأعلى لقلنا: العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، لكن الواقع هنا على العكس تماماً، أي: أن سبب ورود هذه الآية ليس بالنسبة للرئيس الأعلى الحاكم الأعلى، وإنما هو بالنسبة لبعض أفراد الشعب، ذلك أنه جاء في سبب ورود هذه الآية: أن اليهود