لأنهم في ظن المعتزلة يؤمنون بالجبر، يعني أهل السنة عند المعتزلة يؤمنون بالجبر حينما يعتقدون، واعتقادهم حق بلا شك أن ما من شيء يقع في هذا الكون من خير أو شر إلا بمشيئة الله -تبارك وتعالى- وإرادته، أما المعتزلة فيقولون لا: ليس كل شيء يقع في هذا الكون بإرادة الله ومشيئته، بل الإنسان هو الفعال لما يريد، وهو الذي يخلق، خاصة هم يدندنون حول الشر، فهو يخلق الشر وليس لله في ذلك إرادة، وهذا بحث طويل ولا نريد أن ننسى أصل السؤال، المهم أن هؤلاء المعتزلة يشتركون مع القائلين بوحدة الوجود حينماً ينكرون نصوصاً قاطعة في الكتاب والسنة تثبت أن لله -عز وجل- صفة العلو، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}(الأعلى:١)، نقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، والنصوص التي أشرنا إليها -إن شاء الله- معروفة عندكم، هم ينكرون هذه النصوص، لا ينكرونها لفظاً، وإنما ينكرونها معنىً؛ لأنهم إن صرحوا بإنكارها لفظاً خرجوا عن الإسلام، فينكرونها بطريق التأويل، فهم لا يؤمنون بأن الله -عز وجل- على العرش استوى -كما قال الله -عز وجل-؛ لأنهم يؤولون الاستواء بمعنى الاستيلاء وهذا باطل -أيضاً-، وله مجال آخر لتفصيل القول في ذلك، فإذاً لو سئلوا السؤال الذي ورثنا إياه نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- ألا وهو:«أين الله؟» فجوابهم: الله في كل مكان، إذاً الله في كل مكان، المكان خَلْقٌ من خلق الله، التقى قولهم هذا مع قول أهل الوحدة أي: لا شيء إلا هذا الكون المخلوق، وبخاصة حينما يؤكدون في نفي الوجود الإلهي بأن الله -عز وجل-، هكذا يقولون كما ستسمعون: الله لا يوصف بأنه فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، ولا أمام ولا
خلف، لا داخل العالم ولا خارجه؛ إذاً لم يبق إلا المادة؛ إلا هذا الكون المشاهد، فالتقت -أيضاً- المعتزلة مع الجماعة القائلين بوحدة الوجود في أن لا شيء هناك إلا الطبيعة، هل