يشترك مع المعتزلة ومع الصوفية الغلاة في هذه النقطة بالذات كثير ممن ينتمي إلى السنة والجماعة ممن ينتمي إلى الماتريدية أو الأشعرية؟ نقول: نعم، وهذا نلمسه ونسمعه دائماً أبداً في كل مجتمع سني ليس شيعياً ولا معتزلياً يقولون: الله موجود في كل مكان، الله موجود في كل وجود، أهل السنة هاللي عايشين معنا وعايشين معهم هكذا يقولون، إذا كان الأمر هكذا، فهل نكفر هؤلاء الذين ينكرون أن من صفة الله -تبارك وتعالى- أنه {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}(طه:٥)، و {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}(فاطر:١٠)، إلى غير ما هنالك من كثيرة أجمعت على أن الله -عز وجل- فوق المخلوقات كلها، هل نكفر هؤلاء بالجملة بالكوم؟ نقول: لا، نبدأ بأهل العلم منهم: هل نكفرهم؟ أيضاً لا إلا بشرط واحد، بعد إقامة الحجة؛ لأنه يمنعنا من المبادرة إلى تكفير أي مسلم ما دام أنه يلتقي معنا في الأصل الأول من أصول الإسلام الخمسة، وهي شهادة أن لا إله إلا الله، فكل مسلم يشهد هذه الشهادة فابتداءً لا يجوز الحكم بتكفيره؛ لأنه رفع راية الإسلام بشهادته بشهادة الإسلام، وأنتم فيما أعتقد جميعاً تعلمون قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإذا قالوها: فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم عند الله-تبارك وتعالى-»، إذاً هذا المسلم الذي يشهد هذه الشهادة نحن لا يغيب عنا ولا يفوتنا أنه قد يقولها وهو كافر بما تدل عليه من الحق ومن العقيدة الصحيحة؛ لأن هذا من طبيعة المنافقين الذين كانوا موجودين حتى في العصر الأول الأنور الأطهر، وهو العصر الذي قال عنه الرسول -عليه السلام-: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» قد كان فيهم خاصة في المدينة من أهل المدينة مردوا على النفاق، الله كان يعلمهم، وقال للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: {لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}(التوبة:١٠١)، فكيف