وهذا قول المتقدمين من العلماء ومن سلك سبيلهم من المتأخرين.
وقال آخرون: أراد بقوله: "لئن قدر الله علي " من القدر الذي هو القضاء، وليس من باب القدرة والاستطاعة في شيء. قالوا: وهو مثل قول الله عز وجل في ذي النون: {إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ}(الأنبياء:٨٧).
وللعلماء في تأويل هذه اللفظة قولان:
أحدهما: أنها من التقدير والقضاء.
والآخر: أنها من التقتير والتضييق.
وكل ما قاله العلماء في تأويل هذه الآية فهو جائز في تأويل هذا الحديث في قوله:"لئن قدر الله علي "، فأحد الوجهين تقديره: كأن الرجل قال: لئن كان سبق في قدر الله وقضائه أن يعذب كل ذي جرم على جرمه؛ ليعذبني الله على إجرامي وذنوبي عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين غيري.
والوجه الآخر: تقديره: والله! لئن ضيق الله علي وبالغ في محاسبتي وجزائي على ذنوبي ليكونن ذلك. ثم أمر بأن يحرق بعد موته من إفراط خوفه.
وأما جهل هذا الرجل بصفة من صفات الله في علمه وقدره؛ فليس ذلك بمخرجه من الإيمان، ألا ترى أن عمر بن الخطاب وعمران بن حصين وجماعة من الصحابة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن القدر. ومعلوم أنهم إنما سألوه عن ذلك وهم جاهلون به، وغير جائز عند أحد من المسلمين أن يكونوا بسؤالهم عن ذلك كافرين، أو يكونوا حين سؤالهم عنه غير مؤمنين.
وروى الليث عن أبي قبيل عن شُفَيٍّ الأصبحي عن عبد الله بن عمرو بن