للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزندقته، أروى غيظ قلبه بقوله لا أموت إلا وقد دسست في أحاديث نبيكم خمسة آلاف حديث، فهو مرتاح بهذا الميتة، فقال له أحد العلماء من أهل الحديث الحاضرين: خسئت، ما تمشي هذه الأحاديث بين المسلمين وفيهم فلان لعله قال: ابن المبارك أو غيره، وقد أخذ الغربال بيده فهو يغربل هذه الأحاديث ويصفيها ويخرجها عن أحاديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الصحيحة.

الشاهد أن أحاديث الأنبياء الأولين قد دخلها ما ليس منها وهي التي تعرف عند المسلمين اليوم بالإسرائيليات، ولذلك فلا يجوز للمسلم أن يروي شيئاً مما وقع فيمن قبلنا من الأحاديث إذا جاءت من غير طريق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، الإسرائيليات تنقسم من حيث روايتها إلى قسمين:

قسم وهو الأقل ما تحدث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بها، فهذا إذا صح السند إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيكون من الإسرائيليات الصحيحة كمثل مثلاً حديث ذاك الرجل الذي قال عنه عليه الصلاة والسلام: كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم أراد أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب -أي: على جاهل متعبد ليس بعالم- فذهب إليه وقال له: إني قتلت تسعة وتسعين نفساً بغير حق، فهل لي من توبة؟ قال له: قتلت تسعة وتسعين نفساً وتريد أن تتوب، لا توبة لك، فقتله وأتم به العدد المائة لكن الرجل يبدو من سياق الحديث أنه كان مخلصاً، كان حريصاً في أن يتوب إلى ربه تبارك وتعالى، ولكنه يريد عالماً بحق أن يدله على الطريق، فلم يزل يسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على عالم، هذه المرة وفق بعالم، فذهب إليه وقال: إني قتلت مائة نفس بغير حق، فهل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكنك بأرض سوء، من هنا يظهر علم هذا الرجل العالم-ولكنك بأرض سوء، لو كنت في أرض صالحة أهلها ما تمكنت من قتل مائة نفس بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>