للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الذين كانوا قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام من العرب في الجاهلية فهو مما يدخل في كلامي السابق لا يمكن أن نقول: إنهم جميعاً ليسوا من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة أو إنهم من أهل الفترة كلهم لم تبلغهم الدعوة، لا يمكن أن يقال: لا هذا ولا هذا بهذا الإطلاق والعموم والشمول، ولكننا نعتقد أن كلاً من النوعين كان موجوداً، أي كان في العرب من بلغتهم الدعوة وكان فيهم من لم تبلغهم الدعوة، فإذا جاء النص عن الله ورسوله يحدد أن فلاناً لم تبلغه الدعوة قلنا في عينه بأنه لم تبلغه الدعوة، والعكس بالعكس تماماً، إذا جاء النص عن شخص معين إما أنه لم تبلغه الدعوة أو جاءنا لازم ذلك أي: إنه من أهل النار فذلك يستلزم أن يكون قد بلغته الدعوة؛ لأن الله يقول كما ذكرنا آنفاً: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:١٥)، فقبل بعثة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كانت هناك رسالة إبراهيم وإسماعيل وكانت آثارها في العرب لا تزال قائمة وبخاصة في مكة المشرفة والمقدسة من الله تبارك وتعالى ببناء إبراهيم الكعبة فيها وعبادته لله عز وجل فيها هو وابنه إسماعيل ومن استجاب لدعوتهما، فإسماعيل عليه السلام كان قد أرسل إلى العرب ودعوته استمرت ظاهرة جلية في البلاد العربية وبخاصة في عاصمتها مكة، واستمرت هذه الدعوة في العرب ما شاء الله وكان فيهم إلى قدوم بعثة الرسول عليه السلام من يعبد الله وحده لا شريك له وإن كان غالبية العرب قد وقعوا في الشرك وهذا أمر أعني وقوعهم في الشرك وعبادتهم لغير الله عز وجل هذا أمر لا يحتاج إلى كثير من البحث، وإنما البحث الذي ينبغي أن نوجه الكلام فيه هو: هل كل من كان قبل الرسول عليه السلام لم تبلغه الدعوة من هؤلاء العرب فهم غير مؤاخذين وغير مخلدين في النار؟ الجواب: هذه الكلية باطلة لا يجوز إطلاقها، أن يقول قائل: كل من كان قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فهو من أهل الفترة، ذلك لأن لدينا أحاديثاً كثيرة وكثيرة جداً تصرح بأن بعض من كانوا في الجاهلية قبل بعثة

<<  <  ج: ص:  >  >>