للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الشخص، وإنما المقصود دعوته ورسالته.

ذلك لأننا لو فرضنا إنسانًا في زمن الرسول المبعوث مباشرةً إلى قومٍ ما كان أصم أبكم، التقى مع الرسول المبعوث ولكنه هو لا يفقه شيئًا مما يقول لما به من صمم وبكم، فهذا لم تبلغه الدعوة وإن كان قد بلغه الرسول بشخصه، والعكس كذلك حينما نتصور قومًا جاءتهم دعوة الرسول عليه السلام دون أن يروا الرسول وبعينه وشخصه فقد قامت الحجة عليهم.

إذا كان الأمر كذلك وهو كذلك دون خلاف بين مسلمين فحينئذٍ لا محظور بالنسبة لتلك الأحاديث الصحيحة التي تشهد بأن أولئك الأشخاص هم من أهل النار، فلازم ذلك أنهم قد بلغتهم الدعوة، وأقيمت عليهم الحجة، فلا جرم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حكم عليهم بأنهم من أهل النار، فقول من يقول بدفع هذه الأحاديث أن إسماعيل أو إبراهيم أو غيرهما من الأنبياء الذين أرسلوا إلى العرب ما جاءهم رسول مباشرةً، هذا كما لو قال قائل اليوم: أن التابعين وأتباع التابعين إلى هذا الزمان وإلى آخر الزمان الذي لا يبقى على وجه الأرض من يشهد ألا إله إلا الله إلا جاءت ريح طيبة وقبضت أرواحهم، كل هؤلاء من المسلمين أتباع الصحابة ومن بعدهم نقول: لم تبلغهم الدعوة؛ لأنهم ما جاءهم الرسول، فهل من عاقل يقول بمثل هذه الكلمة؟

ظني أن لا أحد يقول، إذًا: نحن نلزمهم بأن يقولوا نفس الكلمة معنا: بأنه ليس المقصود من إرسال الرسل فيما قبل الرسول عليه السلام هو أشخاصهم فقط، بل المقصود: دعوتهم أيضًا، فسواء لا فرق بين قوم جاءهم الرسول مباشرةً بدعوته، وبين قوم أو أقوام آخرين جاءتهم دعوة الرسول بوساطة أتباع الرسول،

<<  <  ج: ص:  >  >>