للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الناس كافة» مع قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (سبأ:٢٨)، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:١٠٧)، كل هذا وذاك يدل على أن بعثة الرسول عليه السلام ليست فقط بشخصه بل وببلوغ الدعوة إلى من بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

كذلك نقول حينما قال عليه السلام: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة» لا يعني: يبعث بشخصه فقط بل وبدعوته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام.

هذه حقائق باعتقادي لا يمكن لأحد أن يماري أو يجادل فيها؛ لأنه سيلزمه محظوران اثنان:

المحظور الأول: أن يعتقد أن بعثة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى الناس كافة محصورة بالعرب الذين دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرًة إلى الإسلام، أما بعد وفاته فقد انتهت دعوته عليه السلام وبعثته ورسالته، وهذا بلا شك باطل.

والشيء الآخر مثله وهو: أن يعتقد أولئك الشاكين المرتابين في صحة تلك الأحاديث وهي صحيحة دون خلاف بين العلماء أن يعتقدوا أننا نحن اليوم معشر المسلمين وعددهم يبلغ عشرات الملايين، لم تبلغنا الدعوة، لماذا؟ لأنه ما جاءنا رسول مباشرةً، فهل من عاقل يقول بمثل هذا القول الذي يلزمهم أن يقولوا به إذا ما قالوه في العرب الذين كانوا قبيل بعثة الرسول عليه السلام؛ لأنهم يقولون: هؤلاء ما جاءهم رسول لكنهم يعلمون أنهم جاءتهم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، وهي دعوة التوحيد فكفر من كفر بها وآمن من آمن بها، فإذًا: لا فرق بين دعوة إبراهيم وإسماعيل من حيث شمولها لكل من بلغته الدعوة ولو بعد وفاة الرسول المرسل إليهم مباشرةً؛ لأنه ليس المقصود من بعثة الرسول

<<  <  ج: ص:  >  >>