الأفراد الذين جاءت الأحاديث لتصرح بأنهم من أهل النار لم تبلغهم الدعوة، فنقول حين ذاك: ما هو الدليل عندكم أن هذا الجنس من الناس المعذبين ممن ماتوا في الجاهلية، ما هو الدليل عندكم في النفي الذي تذكرونه أي: قولهم: لم تبلغهم الدعوة؛ لا يجدون جواباً إلا أن يقولوا: نحن نعلم يقيناً إن أبوي الرسول مثلاً وبعض أولئك الكرام الذين ماتوا في الجاهلية نعلم يقيناً أنه ما أرسل إليهم رسولاً، هنا لا بد من أن نقف قليلاً:
{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء:١٥) هل المقصود ببعثة الرسول التي تقوم الحجة بها على الناس الذين جحدوها وكفروا بها أن يأتيهم الرسول بشخصه ومعه الدعوة من ربه إليهم، أم يكفي أن تصل دعوة الرسول إلى أولئك الناس ولو بواسطة بعض أصحاب ذلك الرسول أو الذين جاءوا من بعدهم، هنا دقة في الموضوع، وأظن أنه لا يستطيع أحد أن يفسر الآية:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء:١٥) أن المقصود بعثة الرسول بشخصه فقط، أي: بمعنى أنه إذا مات الرسول ماتت الدعوة، وأن هذه الدعوة لو بلغت ناساً بواسطة أتباع الرسول الأولين أو أتباع أتباعهم وهكذا فلا تقوم حجة الله على الناس إلا في حالة بعثة الرسول بشخصه فقط.
لا أعتقد أن أحداً يضيق معنى هذه الآية فيقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء:١٥) بشخصه، أي: كل قوم لا بد أن يأتيهم الرسول بشخصه وبدعوته، ذلك؛ لأن من المعلوم أولاً بالنص قوله عليه الصلاة والسلام:«فضلت على الأنبياء قبلي بخمس خصال -وذكر فيها عليه الصلاة والسلام قوله: وأنه كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة»(١)، قوله عليه السلام: «وبعثت