للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جداً أن والدة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - هي من أهل النار مع أنها ماتت قبل أن يشب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فضلاً عن أنها ماتت قبل بعثته - صلى الله عليه وآله وسلم - فهي إذاً ماتت في الجاهلية فهل هي من أهل الفترة أي: الذين لم تبلغهم الدعوة؟ الجواب: لو كانت كذلك لمَا أبى الله تبارك وتعالى أن يأذن للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يستغفر لها، فإذاً هي ماتت على الشرك ومن مات على الشرك فلا تنفعه شفاعة الشافعين.

كذلك الحديث الآخر ولعله عند بعض الناس أشهر وهو أيضاً في صحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: «أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله! أين أبي؟ قال: في النار، ثم انصرف الرجل».

قال عليه الصلاة والسلام: «هاتوا الرجل، فلما رجع قال له - صلى الله عليه وآله وسلم -: إن أبي وأباك في النار» (١)، فحكمه أيضاً عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث على والده الذي كان سبب وجوده أنه من أهل النار لدليل واضح أنه ليس من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة؛ لأنه لو كان كذلك لم يكن أيضاً من أهل النار.

لهذه الأحاديث لا يجوز لنا أن نقول: إن كل من كان قبل بعثة الرسول عليه السلام من المشركين هو من أهل الفترة؛ لأننا بذلك نضرب أحاديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - دونما حجة من عند أنفسنا إلا التمسك بعمومات لا تفيد بالنسبة للنصوص الخاصة، وحينئذ وجب الجمع بين ما دلت عليه الآية وما في معناها، أن الله عز وجل لا يعذب أحداً من عباده إلا بعد إرسال الرسول إليه.

ولعل من المفيد أن نذكر هنا شبهة أخرى تعترض سبيل أولئك الشاكِّين في بعض هذه الأحاديث المقطوع بصحتها عند أهل العلم حينما يقولون: إن هؤلاء


(١) مسلم (رقم٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>