للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتكؤون على قاعدة أن أهل الفترة غير معذبين فيردون هذا الحديث الأخير، مع ما سبق ذكره من أحاديث فلا يهمهم أن يتعرضوا لذكرها سلباً أو إيجاباً؛ لأنها لا علاقة لها بعواطفهم بخلاف الحديث الذي سأذكره آتياً ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «إني أستأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي» (١) فهذا الحديث باعتباره يتعلق بوالدة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي هو سيد البشر فكثير من الناس الذين يستسلمون لعواطفهم دون أن يحكموا فيها شريعة ربهم وأن يسلموا لها تسليما يكبر عليهم جداً أن يتقبلوه كما هو واجب كل مسلم في أن يكون موقفه تجاه حكم من أحكام الله عز وجل كما قال تبارك وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (النساء:٦٥)، فهم لا يسلمون لهذا الحديث تسليماً كما أمرهم الله عز وجل في الآية المذكورة؛ لأنهم لا تتسع عقولهم لأن يعتقدوا بأن أم سيد البشر هي من أهل النار، مع علمهم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يقول في حديث معروف في صحيح مسلم من: «من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» (٢) والله عز وجل يقول: {فَإِذَا نُفِخَ في الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} (المؤمنون:١٠١)، فالأنساب يوم القيامة بالنسبة لمن مات على الشرك فلا فائدة منه إطلاقاً، وهذا الحديث بخصوصه يدخل في هذا العموم أن النسب لا يفيد صاحبه إذا لم يكن مؤمناً بالله ورسوله.

فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «واستأذنت ربي في أن أستغفر لها» فلم يأذن لي دليل واضح


(١) مسلم (رقم٢٣٠٤).
(٢) مسلم (رقم٧٠٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>