للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من أهل الفترة؛ لأننا سنقول: ما يدريك أنه من أهل الفترة وقد قال عليه الصلاة والسلام فيهم: أنهم من أهل النار.

كما جاء في الصحيحين مثلاً: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مر ذات يوم راكباً على دابته فشمست به وكادت أن ترميه فنظر فوجد قبرين فسأل من كان معه من الصحابة: متى مات هؤلاء؟ قالوا: في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام: لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر» (١).

والشاهد من هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شهد بأن هذين المقبورين ماتا في الجاهلية ومع ذلك فإنهما يعذبان ولو قال عليه السلام: «لولا أن تدافنوا لأسمعتكم عذاب القبر» هذا العذاب الذي شمست به دابته خوفاً من هذا العذاب الذي سمعته الدابة وهذا العذاب كان منصباً على رجلين ماتا في الجاهلية.

فحينئذ لازم هذا الحديث وأمثاله أنهما ماتا على الشرك وعلى الضلال من جهة وأنهما ليسوا ممن لم تبلغهم الدعوة؛ لأنهم لو كانوا كذلك لم يستحقوا العذاب بصريح الآية السابقة {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء:١٥).

كذلك قد جاء في غير ما حديث: «أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سئل عن بعض الأجواد الكرماء الذين كان يضرب بهم المثل بجودهم وكرمهم ممن ماتوا في الجاهلية، هل نفعهم شيء من ذلك؟ قال: لا إنه لم يقل يوماً ما: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» (٢).

وأخيراً: نأتي إلى مشكلة المشاكل بالنسبة لبعض الكتاب المعاصرين الذين


(١) مسلم (رقم٧٣٩٢).
(٢) مسلم (رقم٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>